القبيل ، لا من قبيل مجهول المالك ؛ لأنّه كان يعلم بأنّ هذا المال لذلك الشخص الخاص المعهود الذي كان معه بمكّة ، ولكنه لم يكن يعرف بلده ولا شخصه ببعض عناوينه المعروفة في ما بين الناس على وجه يمكنه الوصول إليه بالفحص والسؤال.
وكيف كان ، فلا ينبغي الاستشكال في جواز التصدّق بمال الغائب ، الذي امتنع إيصاله إلى صاحبه ، وما نحن فيه بمقتضى العادة مندرج في مصاديق هذا الحكم مع إمكان دعوى القطع برضى الإمام ـ عليهالسلام ـ بالتصدّق بماله الذي تعذّر إيصاله إليه ، كما يؤيّد ذلك أمره بذلك في جملة من الأخبار الواردة في ميراث من لا وارث له ، الذي هو من الأنفال ، وغيره من الموارد التي لا تخفى على المتتبّع.
فالإنصاف : أنّ القول بجواز صرفه إلى الفقراء مطلقا ، بل وكذا إلى سائر المصارف التي يحصل بها تشييد الدين وإعلاء كلمة الحق ممّا يكون القيام به من وظائف الإمام ـ عليهالسلام ـ ، لا يخلو عن قوّة ، خصوصا مع ملاحظة الأهمّ فالأهمّ إلّا أنّ الأحوط إن لم يكن الأقوى الاقتصار على فقراء الهاشميين مع الإمكان ، كما يظهر من خبر عيسى بن المستفاد ، المتقدّم (١).
بل قد يشكل التخطّي عن مضمون هذا الخبر ؛ لإمكان أن يقال : إنّه وإن لم يكن بنفسه جامعا لشرائط الحجيّة ، ولكنه يتعيّن الأخذ به في خصوص المقام ؛ لانسداد باب العلم فيه ، وعدم المناص عن التصرّف في ما يحصل بيد المكلّف من سهم الإمام ـ عليهالسلام ـ ولو بحفظه وإمساكه ، ولا يمكن الاحتياط فيه ، فيتعيّن الأخذ بما روي فيه من
__________________
(١) تقدّم في صفحة ٢٨٣.