لا مجرّد حجّية قولهم في نقل الرواية أو الفتوى ؛ فإنّ هذا مع أنّه لا يناسبه التعبير بـ «حجتي عليكم» لا يتفرّع عليه مرجعيتهم في الحوادث الواقعة التي هي عبارة عن الجزئيات الخارجية التي من شأنها الإيكال إلى الإمام ، كفصل الخصومات وولاية الأوقاف والأيتام وقبالة الأراضي الخراجية التي قصرت عنها أيدي سلاطين الجور الذين يجوز التقبّل منهم ، وغير ذلك من موارد الحاجة إلى الرجوع إلى الإمام ، فلو رأى مثلا صلاح اليتيم أن يأخذ ماله من هذا الشخص الذي لا ولاية له عليه شرعا ، وينصب شخصا آخر قيّما عليه في ضبط أمواله ، وصرفها في حوائجه ، فليس لمن عنده مال اليتيم أن يمتنع من ذلك ويستعمل رأيه في التصرّف فيه على حسب ما يراه صلاحا لحال اليتيم ، وكذا في الأوقاف ونظائرها وإن أفتى له الفقيه عموما بجواز التصرّف فيها بالتي هي أحسن ، فإنّه لو امتنع من دفع المال إلى من نصبه الفقيه قيّما عليه بزعمه أنّ بقاءه عنده أصلح بحال اليتيم من دفعه إلى ذلك الشخص فسرق المال ، لم يعذر ذلك الشخص في ما رآه بعد أن نصب الإمام ـ عليهالسلام ـ الفقيه حجّة عليه في الحوادث الواقعة التي منها هذا المورد.
والحاصل : أنّه يفهم من تفريع إرجاع العوام إلى الرواة على جعلهم حجّة عليهم أنّه أريد بجعلهم حجّة إقامتهم مقامه في ما يرجع فيه إليه ، لا مجرّد حجّية قولهم في نقل الرواية والفتوى ، فيتمّ المطلوب.
إن قلت : إنّ القدر المتيقّن الذي يقتضيه هذا التفريع إنّما هو إقامته مقامه من حيث الولاية ، بل لا معنى لجعله حجّة عليهم إلّا وجوب إطاعته ونفوذ تصرّفاته في ما يرجع إليه ، ومقتضاه ثبوت منصب الولاية له من قبل الإمام ـ عليهالسلام ، ولكن في ما من شأنه الرجوع إلى الإمام ، كالأمثلة المزبورة ، كما هو المنساق إلى الذهن من الخبر ، لا في كلّ