الميسور لا يخفى ما فيه (١). انتهى.
أقول : ويمكن الاستدلال له : بفحوى ما روي أنّ ليلة الشكّ أصبح الناس فجاء أعرابي فشهد برؤية الهلال ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله مناديا ينادي : كلّ من لم يأكل فليصم ، ومن أكل فليمسك (٢) المنجبر ضعفه بما عرفت ، وباشتهاره في حدّ ذاته بين الأصحاب ، واعتمادهم عليه في كتبهم الاستدلالية ، فليتأمّل.
وفي المسالك قال في شرح العبارة : الإمساك هنا على سبيل الوجوب ، ويجب فيه النيّة ، ولو أفطره وجب عليه الكفّارة ؛ إذ لا منافاة بين وجوبها وعدم صحة الصوم بمعنى إسقاطه القضاء (٣). انتهى.
أقول : لا يبعد أن تكون هذه الأحكام بأسرها لديه مبنيّة على ما اختاره في مسألة ما لو جدّد النيّة في أثناء النهار ، حيث اختار في تلك المسألة أنّه لو جدّدها قبل الزوال ، حكم له بالصوم الصحيح المثاب عليه من أوّل النهار ، ولو جدّدها بعد الزوال ، حكم له بالصوم الصحيح المثاب الشرعي المثاب عليه من الوقت الذي نواه (٤) ؛ ولم يفرّق في ذلك بين الواجب والمندوب ، فيدلّ حينئذ على وجوبه وعلى وجوب القصد معه والكفّارة بإفطاره : الأدلّة الدالّة عليها في صيام شهر رمضان.
وانصراف أدلّة الوجوب أو الكفّارة عن صوم بعض اليوم بعد فرض كونه صوما شرعيّا إن سلّم فبدوي غير مضرّ ، ولكن لا يسقط به
__________________
(١) كتاب الصوم : ٥٨٥ ، وراجع : الخلاف ٢ : ٢٠٣ ، المسألة ٥٦ ، والمنتهى ٢ : ٥٦١ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٢٥٧.
(٢) أورده المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ٦٤٦.
(٣) مسالك الأفهام ١ : ٦٨.
(٤) المصدر نفسه.