وجري السيل ونحوه بدعوى أنّ المتبادر من أدلّته إنّما هو وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن سواء ملكه المخرج أم لا ، بأن كان أجيرا أو وكيلا أو فضوليّا أو غاصبا ، غاية الأمر أنّ قراره على من دخل في ملكه بمقتضى المناسبة ، فخصوصيّة الفاعل ملغاة لدى العرف فيما يفهمون من أدلّته ، ولكن لا على وجه يتعدّى الى مثل السيل وهبوب الريح ونحوه.
ألا ترى أنّك لو راجعت وجدانك تجد الفرق بين ما استخرجه غير المالك إمّا فضوليّا أو غصبا أو بزعم أنّه ملكه ، فانكشف خلافه ، فدفع الحاصل الى المالك في استفادة حكمه من الأدلّة بشهادة العرف ، وقضائهم بعدم مدخليّة خصوصيّة المالك في ذلك ، وكون وجوب الخمس في مثل الفرض أولى ، وبين ما لو أخذ السيل من المعدن شيئا فطرحه في مكان آخر ، فإنّه موضوع آخر لدى العرف ، أجنبيّ عمّا ينسبق الى الذهن من أدلّته.
ودعوى : أنّه لا فرق بين الصورتين لدى التأمّل ؛ يمكن دفعها : بأنّ العبرة في مثل هذه الموارد بما يتفاهم عرفا من أدلّته ، لا على التحقيق الناشئ من التأمّل في إلغاء الخصوصيّات التي يحتمل مدخليّتها في الحكم ، ونحن نرى بالوجدان الفرق بين الصورتين في كون استفادة حكم إحداهما من الأدلّة أقرب من الأخرى ، فالتفصيل بين الصورتين غير بعيد ، بل يمكن الفرق بين مثل العنبر الذي جرت العادة باتّخاذه من وجه الماء أو من الساحل ، وبين غيره ممّا يوجد على وجه الأرض من باب الاتّفاق بواسطة سيل ونحوه بدعوى : أنّ الأوّل بحكم المعدن في كون الأخذ منه لدى العرف مصداقا للأخذ من معدنه ، بخلاف الثاني.
ولكنّك ستسمع الكلام في أنّ العنبر في حدّ ذاته هل هو من المعادن أم لا؟