وفي الوسائل عن الكليني بسنده عن جرّاح المدائني عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، ثمّ قال : قالت مريم (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) (١) أي : صوما وصمتا وفي نسخة اخرى : أي : صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضّوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا.
قال : وسمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ امرأة تسبّ جارية لها وهي صائمة ، فدعا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ بطعام ، فقال لها :كلي ؛ فقالت : إنّي صائمة ؛ فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ، إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب (٢) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالّة بظاهرها على اشتراط صحّة الصوم بحفظ اللسان عن الكذب والغيبة وأشباههما ، مع أنّه لم يقصد بها إلّا اعتباره في ماهيّة الصوم الكامل ، لا مطلقه المسقط للتكليف الإلزامي المتعلّق بفعله ، كما وقعت الإشارة إلى ذلك في بعض تلك الأخبار ، كما لا يخفى على من راجعها.
فلا يبقى حينئذ ظهور يعتدّ به للأخبار المزبورة في إرادة الإفطار الحقيقي بعد أن أردفه بنقض الوضوء الذي لم يقصد به بحسب الظاهر إلّا مرتبة من المنقصة المقتضية لحسن إعادته ، كما ورد نحوه في إنشاد الشعر ونحوه.
نعم ، ظاهر الخبر المروي عن الخصال كعبارة الفقه الرضوي :الإفطار الحقيقي ، كما في الأكل والشرب.
ولكن يشكل الاعتماد على هذا الظاهر بعد قصور سنده ، وإمكان
__________________
(١) سورة مريم ١٩ : ٢٦.
(٢) الوسائل : الباب ١١ من أبواب آداب الصائم ، الحديث ٣ ، وراجع : الكافي ٤ : ٨٧ / ٣.