حرمته على الصائم تعبّدا من غير أن يكون له ربط بصومه ، ولذا رجّح في الحدائق القول بالإبطال : بأنّه لا يعقل أن يكون للنهي علّة سوى ذلك (١) ؛ وإن كان يتوجّه على هذا التعليل أن لا إحاطة للعقول بمناطات الأحكام الشرعية التعبديّة ، كي يدّعى فيه عدم المعقولية.
نعم ، هو بعيد عن الذهن ، فينصرف عنه النصّ وإن كان قد يرفع هذا الاستبعاد أيضا ما عن المصنّف في المعتبر من توجيهه بإمكان أن تكون حكمة التحريم تعبّدا الاحتياط في الصوم ، حيث لا يأمن مع الارتماس من أن لا يصل الماء إلى جوفه من المنافذ (٢).
وما في الحدائق من تضعيف هذا التوجيه : بأنّه إنّما يصلح وجها للكراهة لا للتحريم (٣) ؛ مدفوع : بأنّ هذه الحكمة كما أنّها مناسبة للكراهة ؛ كذلك مناسبة للتحريم ، كما في سلوك طريق لا يأمن معه السلامة ، ولكن هذا إنّما يرفع الاستبعاد عنه بالنسبة إلى الصوم الواجب ، لا المندوب الذي لا يحرم عليه إفساده ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فالقول بحرمته تعبّدا لا يخلو عن بعد.
وأمّا القول بكراهته : فهو غير بعيد بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين خبري عبد الله بن سنان وإسحاق بن عمّار وبين غيرهما من الأخبار المزبورة.
ولكن الاعتماد على هذين الخبرين في صرف سائر النصوص عن ظواهرها بعد شذوذ القول بالكراهة لا يخلو عن إشكال وإن كان طرحهما أيضا ما لم يتحقّق إعراض الأصحاب عنهما أشكل.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٣ : ١٣٦.
(٢) الحاكي عنه العاملي في مدارك الأحكام ٦ : ٥٠ ، وراجع : المعتبر ٢ : ٦٥٧.
(٣) الحدائق الناضرة ١٣ : ١٣٦.