كما ربّما يؤيّد هذا الجمع ، أي : حمل النهي على الكراهة ، بل يشهد له : خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ ، قال :يكره للصائم أن يرتمس في الماء (١).
وما يقال : من أنّ الكراهة في كلمات الأئمّة كثيرا ما تستعمل بمعنى التحريم ؛ ففيه : أنّ هذا لا ينفي ظهورها في الكراهة المصطلحة ، كظهور لفظ «لا يصلح» و «لا ينبغي» وأشباههما من الألفاظ التي هي في الأصل موضوعة للأعمّ ، ولكنّه لا ينسبق إلى الذهن من إطلاقها إلّا الأخصّ ، خصوصا في مثل المقام الذي لو حمل على إرادة الحرمة ، لتعيّن صرفها إلى إرادة محض التكليف الذي هو بعيد عن مساق هذا النحو من الأخبار ، كما تقدّمت الإشارة إليه ؛ إذ لو أريد به الحكم الوضعي ، لكان بمنزلة ما لو قال : يكره للصائم أن يأكل ويشرب ، وهو ـ كما تراه ـ مستهجن عرفا.
وكيف كان ، فالجمع بين الأخبار : بحملها على الكراهة أولى من حملها على الحرمة تعبّدا ، مع إباء بعضها عن ذلك ، كالمرفوعة والرضوي المتقدّمين (٢) ، واستلزامه التقييد بالواجب المعيّن ؛ فإنّ من المستبعد إرادة الحرمة تعبّدا في صوم يجوز للمكلّف إبطاله ، فلا ينسبق إلى الذهن إرادته من النصّ على تقدير كونه حراما تعبّديّا.
وتنظيره على التكتّف في صلاة النافلة قياس مع الفارق ؛ إذ التكتّف في الصلاة تشريع ، وهو مقتض لحرمته على الإطلاق.
وهذا بخلاف الارتماس الذي هو في حدّ ذاته فعل سائغ ، فيبعد
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٠٩ / ٦٠٦ ، الوسائل : الباب ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٩.
(٢) تقدّما في صفحة ٣٧٧ و ٣٧٨.