الأخرى ، الجهالة بأنّ الله حرّم عليه ، وذلك أنّه لا يقدر على الاحتياط معها ، فقلت : فهو في الأخرى معذور؟ فقال : نعم (١).
ويتوجّه على الاستدلال بالأصل : ما عرفت.
وأمّا ما قيل من انصراف أدلّة القضاء والكفّارة بمتعمّد الإفطار ، أو وجوب صرفها إليه ؛ جمعا بين الأدلّة ، ففيه : أنّه لا مقتضي للانصراف ولا للصرف بالنسبة إلى أدلّة القضاء أصلا.
وورود بعض أخبارها أو بعض الأسئلة الواقعة فيها في متعمّد الإفطار لا يقتضي صرف ما عداه إليه ؛ إذ لا تنافي بينهما ، كما هو واضح.
هذا ، مع أنّه لا مجال للارتياب في أنّ مناط وجوب القضاء ـ على ما يستفاد من النصوص والفتاوى ـ عدم الخروج عن عهدة التكليف بأدائه ، فمن أخلّ بصوم شهر رمضان ، الذي هو عبارة عن الإمساك عن الأشياء المعدودة مع النيّة ، سواء لم يمسك عن شيء منها أو أمسك عن بعض دون بعض أو عن الجميع ولكن لا مع النيّة ، وجب عليه قضاؤه جزما.
وتقييد اعتبار تلك الأشياء في ماهية الصوم بصورة العلم بكونها كذلك قد عرفت ما فيه.
ومن هنا يظهر عدم صحة الاستشهاد للمدّعى بالروايات الدالّة على معذورية الجاهل ، كالصحيحتين (٢) المزبورتين ؛ إذ غاية ما يمكن دعوى
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٢٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٠٦ / ١٢٧٤ ، الإستبصار ٣ : ١٨٦ / ٦٧٦ ، الوسائل : الباب ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ٤.
(٢) أي : صحيحتي عبد الصمد وعبد الرحمن بن الحجّاج.