وحلّه : أنّ التكليف بالقضاء إنّما يتنجّز على المكلّف بعد أن حصل له الالتفات والعلم بترك الفعل جامعا لشرائط الصحة في وقته وإن كان ذلك الترك موافقا لتكليفه الفعلي الثابت له في ذلك الوقت ، كما في المريض ونحوه ، فضلا عمّا لو كان تكليفه الفعلي الثابت في حقّه في الواقع هو الفعل ، ولكن لم يحصل موافقته لأجل الجهل به أو بموضوعه أو نسيان شيء منهما ، فليس ثبوت القضاء حينئذ منافيا لتلك القاعدة.
وليس مفاد تلك القاعدة : أنّ الترك غير المستند إلى اختياره ليس موجبا للقضاء ، أو أنّ ترك شيء من الشرائط أو أجزاء المركّب الذي تعلّق التكليف به ليس موجبا لفساد ذلك المركّب ؛ إذ لا مدخلية للقاعدة بالأحكام الوضعية غير المنوطة بالاختيار ، فضلا عن مثل الصحة والفساد الذي هو عقلي محض ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا.
وأمّا الخبر النافي للقضاء عن المغمى عليه ، المعلّل : بما غلب الله على عباده ، فهو أولى بالعذر ، فهو ما رواه الصدوق بإسناده عن علي بن مهزيار أنّه سأله ـ يعني أبا الحسن الثالث عليهالسلام ـ عن مسألة المغمى عليه ، فقال : لا يقضي الصوم ولا الصلاة ، وكلّما غلب الله على عباده فهو أولى بالعذر (١).
وقضية العلّة المنصوصة في هذه الرواية : عدم إناطة القضاء بمطلق الفوت ، بل بالفوت الذي لم يكن مسبّبا عن عذر مستند إلى الله تعالى ، وهذا بعمومه مخالف لغيره من النصوص والفتاوى ، ولا يلتزم المستدلّ أيضا بذلك في غير مورد الرواية ، وإنّما غرضه في المقام إثبات أنّه لو تناول شيئا من المفطرات جهلا أو نسيانا لا يقدح ذلك بصومه
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٤٥١.