هذه الأشياء ؛ لخروج صاحبها عن الأهلية ، فيرتفع ما لا يتقوّم إلّا بالإذن ، وأمّا في ما يؤول إلى اللزوم كالبيع الخياري فلا ، وما نحن فيه من القسم الثاني لا الأول ، فتبصّر.
هذا ، ولكنه يمكن أن يدّعى انصراف ما دلّ على اعتبار القبض إلى القبض الذي يكون من قبل (١) المالك نفسه صادرا عن طيب نفسه لا المقبوضيّة مطلقا ولو كان من شخص آخر غير العاقد ، أو لم يكن واقعا عن إذنه.
وسرّه : أنّ من الأمر المركوز في ذهن العقلاء مع قطع النظر عن الحكم الشرعي أنّ العقود التي ليست من قبيل المعاوضات ، بل من قبيل الهبات والصدقات ممّا لا يقتضي الخسارة إلّا من طرف واحد لا يعتنون بمجرّد العقد وإنشاء الهبة.
مثلا : لو قال لزيد : إنّ داري أو فرسي لك ، لا يعدّ (٢) أهل العرف زيدا صاحب دار أو فرس ، بل لو سئل عن زيد ألك فرس؟يقول : وعدني فلان ؛ ولا يقول : نعم ، مع أنّه أنشأ الملكيّة ، إلّا أنّه لا يعدّ مالا ما لم يقبضه ، وذلك ؛ لأنّه يصعب عليهم الوفاء في أمثال هذه المعاملات ، فلا يترتّب عليها آثارها عندهم إلّا بعد تأكّد إنشائه بإيجاد أثره في الخارج ، بمعنى أن يقبّضه العين الموهوبة ، وإلّا فإنشاؤه المجرّد عندهم ليس إلّا بمنزلة الوعد.
فعلى هذا لو قال الشارع : يعتبر في الهبة أو القرض أو الرهن مثلا أن يكون مقبوضا ، ينسبق إلى الذهن القبض المتعارف عندهم في مثل
__________________
(١) في النسخة الخطية : فعل.
(٢) في النسخة الخطية والطبع الحجري : لا يعدّون. والصحيح ما أثبتناه.