العرف أيضا استناد الدية إلى ما ينتهي إليه الجناية ، لا ما يحصل به أصل الجناية ولو كانا متماثلين في الدية أيضا كقطع اليدين المنتهى إلى القتل ؛ فإنّ الظاهر منهما استحقاق دية القتل لا القطع ، فلو كان القطع مؤثّرا في ثبوت الدية لوجب أن يقع القتل لغوا لئلّا يلزم توارد علّتين مستقلّتين على معلول شخصي ، أو يثبت بكلّ منهما دية غير ما يثبت بالآخر ، وكلاهما فاسدان على ما هو مقتضى النصّ والفتوى ، فتعيّن أن تكون الدية لخصوص القتل ، ووقوع القطع ملغى ومراعى حتى ينتهي حاله.
ويمكن الذبّ عن الإشكال : بأنّ التأثير شيء والاستناد شيء آخر ، ولا امتناع في أن يكون كلّ جزء من الجناية مؤثّرا في ثبوت الدية بمقداره ، فيكون استقرار الدية على عهدة الجاني تابعا لاستقرار الجناية ، بمعنى أنّها تحدث في الذمّة شيئا فشيئا ، كأصل الجناية ، ومع ذلك لا مانع من استناد مجموع الدية إلى ما تنتهي إليه.
ففي المثال المذكور ثبوت الدية إنّما هو بالقطع ، وأمّا استنادها إليه فإنّما هو ما لم ينته إلى القتل ، وأمّا بعد الانتهاء فهي ممّا بعينها تستند الى القتل.
وإن شئت قلت : إنّ الاستناد إلى القطع إنّما هو ما لم يسر ، وإذا سرى يكشف عن كونها دية القتل ، لا القطع ، أعني دية منسوبة إلى القتل ، لا حادثة بسبب القطع ، وهذا فيما إذا توافقت دية الجناية مع ما تنتهي إليه جنسا ممّا لا إشكال في تصوّره ، والالتزام به.
وأمّا إذا تخالفتا فيشكل ذلك إلّا أنّ يقال : بأنّ الجناية أثّرت في إثبات القدر المشترك بين الخصوصيتين بحسب القيمة والمالية ، وأمّا خصوصيتها الشخصية فمقيّد ثبوتها بعدم كونها ممّا سرى إلى غيرها ،