ومن إمكان دعوى العكس من أنّ العبرة بعنوان الغوص ، والتعبير عنه بما يخرج من البحر جار مجرى الغالب بالتقريب المذكور ، كما أنّه يمكن دعوى جري كلّ من الخصوصيّتين ، أي : البحريّة والغوصيّة مجرى الغالب ، وأنّ المدار على مطلق إخراج شيء من الماء ، ومقتضاه الالتزام بالوجه الأخير.
ومن أنّ كلّا منهما عنوان مستقلّ يتعلّق به الخمس بمقتضى ظاهر دليله ، ولا مقتضي لإرجاع أحدهما إلى الآخر ؛ إذ لا تنافي بينهما ، فيتّجه حينئذ الوجه الثالث.
ولكن يتوجه عليه : أنّ مقتضى ظواهر كلمات الأصحاب ، بل صريحها ـ كظواهر النصوص ، خصوصا الأخبار الحاصرة للخمس في خمسة ـ عدم كون كلّ من العنوانين بحياله موضوعا مستقلا يناط به الحكم ، فيجب إرجاع بعضها إلى بعض بشيء من الدعاوي المزبورة ، أو بتقييد كلّ من العنوانين بالآخر ، والالتزام بأنّ الخمس لا يجب إلّا في ما اخرج من البحر بالغوص.
وهذا أشبه بالقواعد ؛ لا لأنّ التقييد من أهون التصرّفات ؛ كي يتوجّه عليه أنّه ليس بأهون من إهمال القيد الوارد مورد الغالب ، بل لأنّ مقتضى القاعدة عند دوران الأمر بين كون الإطلاق جاريا مجرى الغالب ، أو القيد كذلك : إهمال الإطلاق ، لا إلغاء الخصوصيّة المعلّق عليها الحكم في عنوان دليله الأخصّ.
هذا ، مع أنّ مقتضى الأصل ـ بعد فرض تكافؤ الاحتمالات ، وعدم إمكان الالتزام باستقلال كلّ من العنوانين بالموضوعيّة ، كما تقدّمت الإشارة إليه ـ هو الرجوع في ما عدا القدر المتيقّن ـ وهو مورد تصادق العنوانين ـ إلى أصالة البراءة عن وجوب الخمس.