وأخذه من وجه الماء أو الساحل القريب من معدنه الذي جرت العادة بانتقاله من معدنه إليه لا ينافي صدق أخذه من معدنه ، كما تقدّم تحقيقه في محلّه ، مع أنّ مقتضى الأصل براءة الذمّة عن الخمس في ما دون ذلك إلّا أن يدفع ذلك : بإطلاق الصحيحة (١) ، ولكنّ قضيّة إطلاقها كونه قسما ثامنا لا يعتبر فيه النصاب ، ولا الزيادة عن مئونة السنة ، وقد عرفت أنّ الالتزام به لا يخلوا عن إشكال.
هذا ، مع إمكان الخدشة في إطلاقها من هذه الجهة ، ولذا لم يشترط النصاب في الغوص أيضا ، مع أنّه شرط فيه ، كما عرفت ، فليتأمّل.
فالإنصاف أنّ الالتزام بما في المتن من مراعاة مقدار الدينار إن اخرج بالغوص ، وحكم المعادن إن جني من وجه الماء أو الساحل لا يخلو عن قوّة ، ولكن بشرط أن لا يكون وجه الماء أو الساحل أجنبيّا عن المكان الذي يتكوّن فيه العنبر ، بل قريبا منه بحيث صدق على الأخذ منه عرفا أخذه من معدنه ، بخلاف ما لو قذفه البحر إلى البلاد النائية التي لا يصدق على الأخذ منها أخذه من معدنه ، فهو حينئذ من قسم الأرباح ، ولعلّ هذا الفرض خارج عن منصرف النصّ وإطلاق كلماتهم ، ولكن القول بأنّه لا نصاب له بناء على عدم كونه حقيقة من المعادن إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.
وأمّا ما حكي عن المفيد من أنّ نصابه مطلقا عشرون دينارا ؛ فهو ضعيف وإن قلنا بأنّه من المعادن ؛ لما عرفت من أنّه لو أخرج شيء من المعادن بالغوص روعي فيه نصاب الغوص.
وأضعف منه ما حكي (٢) عن ظاهر كاشف الغطاء من أنّ نصابه
__________________
(١) أي : صحيحة الحلبي المتقدّمة في صفحة ٨٣.
(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ١٦ : ٤٤ وراجع : كشف الغطاء : ٣٦٠ ـ ٣٦١.