الغير به فتكون إرادة تشريعيّة ، كذلك في طرف النهي ، فإنّه يتصوّر الشيء ويرى فيه المفسدة وما ينافي الغرض ، فينزجر عنه تكويناً ، ويزجر غيره عنه تشريعاً ... وهذا هو واقع الحال في الأمر والنهي ، فهو لمّا يرى وجود المفسدة في شرب الخمر لا يُقدم على ذلك ، وإذا أراد زجر الغير يقول له : «لا تشرب الخمر» أو يشير إلى هذا المعنى بيده إشارةً مفهمةً له ... فمعنى «النهي» هو «الزجر» عن الشيء المعبّر عنه بالفارسية «باز داشتن» ، فهيئة «لا تفعل» مدلولها والنسبة الزجريّة ، «النّسبة» معنى حرفي ، كما أنّ مدلول هيئة «افعل» هو «النسبة البعثيّة».
هذا تمام الكلام في ... وقد ظهر أن الخلاف يرجع إلى أنّه هل المدلول في الأمر والنهي واحد والمتعلّق متعدّد ، أو أن المعنى متعدّد والمتعلّق واحد؟
قال المشهور بالأوّل ، وعليه المحقق الخراساني والمحقق النائيني.
وقال الآخرون بالثاني.
واختلف المشهور على قولين ، فمنهم من جعل المتعلّق أمراً عدميّاً وهو الترك وعليه صاحب (الكفاية) والميرزا ، ومنهم من جعله وجوديّاً وهو الكفّ.
واختلف الآخرون على أقوال ، والمختار هو «الزجر» وفاقاً للمحقق الأصفهاني وغيره.
هذا ، وفي (منتقى الاصول) أنّ التحقيق موافقة صاحب (الكفاية) فيما ذهب إليه ، قال :
والتّحقيق : موافقة صاحب (الكفاية) في ما ذهب إليه من الرّأي.
والّذي ندّعيه : أنّ المنشأ في مورد النّهي ليس إلاّ البعث نحو التّرك مع الالتزام بأنّ مفهوم النّهي يساوق عرفاً مفهوم المنع والزّجر لا البعث والطّلب.
والوجه فيما ادّعيناه : هو أنّ التكليف أعم من الوجوب والتّحريم ـ على