لكنْ يبقى إشكال آخر وهو لغويّة هذا الاستصحاب ، لأن مجرّد الشك في الظهور كافٍ لعدمه ، وإذ لا ظهور فلا حجيّة.
ويمكن الجواب عنه : بأنْ فائدة هذا الاستصحاب هو نفي الملازمة العقلية بين النهي والفساد ، وعلى الجملة ، فإن أثر هذا الاستصحاب هو رفع موضوع الأصل العقلي ، لأنّ كلّ أصل عقليّ فإن جريانه معلّق على عدم وجود تعبّد شرعي في موضوعه نفياً أو إثباتاً.
وأمّا التمسّك بالأصل لرفع المانعية ، فإن كان المقصود التمسك بالبراءة ففيه : إنها إنما تجري في موارد الشك في المانعية ، حيث يكون الأقل متيقّناً ويشك في اعتبار شيء زائداً عليه ، كما في الشك في أجزاء الصلاة مثلاً ، وأمّا النهي في العبادة الذي هو إرشادٌ إلى المانعيّة فلا يبقى معه أمرٌ بها ، فكيف تجري البراءة؟ وإنْ كان المقصود هو التمسّك بالأصل اللفظي ـ كما هو ظاهر كلامه ـ ففيه : إنّه ليس هنا إلاّ الإطلاق ، والتمسك به على مبنى المحقق الخراساني غير تام ، لأنه يرى التضادّ بين الأحكام أنفسها ، وأمّا على مبنى المحقق الأصفهاني ـ وهو التضاد بينها في المبدا والمنتهى ـ فلا ريب في وقوعه في المنتهى وهو مرحلة الامتثال ، لأنّ النهي يقتضي انزجار المكلّف والأمر يقتضي انبعاثه ، وكون المكلّف منزجراً ومنبعثاً محال ، فشمول إطلاق الأمر لمثل المقام محال. هذا أوّلاً.
وثانياً : إنه إن كان النهي إرشاداً إلى المانعيّة ، كان الحاصل تقيّد الأمر بالصّلاة بعدم الحيض مثلاً ، وإن لم يكن فالإطلاق على حاله ، ومع الشك في كونه إرشاداً يتحقّق الشك في وجود الأمر بها ـ والمفروض وجود النهي ، وإذا احتمل الأمر احتمل اجتماع الضدّين ، واجتماعهما احتمالاً محال كاجتماعهما واقعاً ، فسقط التمسك بالإطلاق.