من الفرق لا يكون فارقاً ، لأنّ التقييد يرجع إلى المدلول وليس عقليّاً ، كما أنّ الانحصارية أيضاً موجودة في الوصف ـ من جهة ظهور أخذه دون غيره في الانحصار ـ كما أنها موجودة في الشرط ، فلما ذا يقال هناك بالمفهوم ولا يقال هنا؟
لقد ذكر المحقق العراقي فارقاً آخر وأفاد ما حاصله (١) : إن الحكم المعلَّق على الوصف ، يأتي بنحو الطبيعة المهملة ويستحيل الإطلاق فيه ، وما يكون كذلك فلا مفهوم له. بخلاف الشرط ، فإنه قابل للإطلاق فتجري فيه ثبوتاً أصالة الإطلاق ويخرج الحكم بذلك عن الإهمال ، وإذا كان مطلقاً وعلّق على الشرط فلا محالة ينتفي بانتفاء الشرط ، وهذا هو المفهوم.
مثلاً : إذا قال : أكرم زيداً العالم ، لا يكون للإكرام إطلاق بالنسبة إلى عمرو وبكر وخالد وغيرهم من الأفراد ، كما لا دلالة له على الإطلاق بالنسبة إلى أحوال زيد من القيام والقعود وغيرها. أمّا في إذا جاءك زيد فأكرمه ، فإنّ الحكم بوجوب الإكرام كان مطلقاً لا مهملاً لو لم يقيّد بالمجيء ، فلمّا قُيد ثبت له المفهوم.
والحاصل : إن الحكم في الشروط هو المطلق والسنخ ، وفي الوصف مهمل جزئي ، فلذا دلّ في الشرط على المفهوم ولم يدل عليه في الوصف.
يبقى أنه ربما يكون في بعض الروايات دلالة على ثبوت المفهوم للوصف ، من جهة استدلال الإمام عليهالسلام به على الحكم ، كما في الخبر عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «وما خلا الكلب مما تصيد القيود والصقور وأشباه ذلك ، فلا تأكل من صيده إلاّ ما أدركت ذكاته ، لأن الله عزّ وجل يقول : (مُكَلِّبينَ) (٢) ، فما كان خلاف الكلب فليس صيده بالذي يؤكل الاّ إن
__________________
(١) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٤٩٩.
(٢) سورة المائدة : الآية ٤.