العبد ويجب عليه الفحص عن الموضوع أو عن حاله (قال) ولذلك بعينه نستشكل على ما ذكره الشيخ لإجراء البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية ، فإن الظاهر عدم جريانها فيها ، نعم ، يجري فيها البراءة الشرعية (١).
فأورد عليه الشيخ الأُستاذ : بأنه إذا كانت العقليّة غير جارية ، فكذلك الشرعيّة ، لأن موضوعها الحكم الذي لا يعلم ، إذ القابل للوضع والرفع إنما هو الحكم ، فإذا لم يعلم به ، فكيف يصحُّ القول بتماميّة البيان بالنسبة إليه؟ فالتفكيك بين البراءة العقلية والشرعية غير صحيح.
لكنّ مراد الشيخ قدسسره هو : إن الأحكام جميعاً بنحو القضايا الحقيقيّة ، فهي تنحلُّ إلى أحكامٍ بعدد الموضوعات ، وتَتعدَّد الإطاعات والمعاصي ، فالحكم في كلّ شبهةٍ موضوعية مجهول ، ولا يدلّ عليه الحكم الكلّي ، ومع الجهل به تجري البراءة العقلية والشرعية كلاهما.
الوجه الثالث : إن العام ظاهرٌ في الشمول بالنسبة إلى أفراده ، وله ظهورٌ إطلاقي بالنسبة أحوال تلك الأفراد ، فلما قال «أكرم كلّ عالم» أفاد وجوب إكرام جميع مصاديق العالم ، وعلى جميع أحوالهم من الفسق والعدالة وغيرهما ... فإذا جاء : «لا تكرم الفساق من العلماء» كان دليلاً على خروج من علم بفسقه ، فيكون من شك في ذلك منهم باقياً تحت العام.
وقد اجيب عن ذلك : بأنّ الحكم في المطلق يختلف عنه في العام ، ففي العام يجيء الحكم على كلّ أفراده ، أمّا في المطلق فإنه يجيء على الطبيعة ولا نظر له إلى أفرادها ، فلو شك في انطباق الحكم المطلق على فردٍ لم يجز التمسّك فيه بالإطلاق.
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢٩٤.