عنوانه من الأفراد ، فيكون أكرم العلماء دليلاً وحجةً في العالم غير الفاسق ، فالمصداق المشتبه وإنْ كان مصداقاً للعام بلا كلام ، إلاّ أنه لم يعلم أنه من مصاديقه بما هو حجة ، لاختصاص حجيته بغير الفاسق (١).
وتوضيح ذلك هو : أنّ للعام ظهوراً وحجيّةً ـ أي كاشفيّةً عن المراد الجدّي ـ فالفرد المشتبه وإنْ أحرز كونه عالماً وأنّ العام يشمله بظهوره ، لكنّ إحراز حجيّته بالنسبة إلى هذا الفرد أوّل الكلام ، ومن الواضح ترتب الأثر على الحجيّة لا الظهور. فما أحرز ليس بموضوعٍ للأثر ، وما هو موضوع الأثر فلم يحرز ، فكيف يتمسّك بالعام؟
وأمّا الخاصّ ، فإنّه لا يمكنه تعيين الفرد ، لما تقدّم من أنّ الدّليل لا يتكفّل الموضوع.
ثم إنه قد يقوّى الاستدلال بما ذكره الشيخ رحمهالله من إجراء البراءة في الشبهات الموضوعيّة حيث قال : إن قوله «لا تشرب الخمر» لا يكون حجةً إلاّ على من ثبت عنده الكبرى والصغرى معاً وضمّ إحداهما إلى الاخرى ، ومع الشك في أنّ هذا المائع خمرٌ أو لا؟ فالصغرى غير محرزة ، فهي مجرى البراءة دون قاعدة الاشتغال.
فقال السيد البروجردي : بأنَّ الكبرى حجّة بنفسها في مقام تشخيص الحكم الشرعيّ الكلّي ، ولا نحتاج في ذلك إلى وجود الموضوع خارجاً. نعم ، حجّيتها بالنسبة إلى الخارجيات لا تتصوّر إلاّ بعد تشخيص الصغرى ، فههنا مقامان : مقام حجيّة العام بنفسه ومقام حجيّته بالنسبة إلى الخارجيات ، والمحتاج إلى الصغرى هو الثاني دون الأوّل ، فقول المولى أكرم العلماء ـ مثلاً ـ حجّة على
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢١.