تارةً : نسلب النّسبة كما في زيد ليس بقائم ، واخرى : ننفي الربط كما في : زيد ليس في الدار ، وفي كليهما الرفع ، لكنْ في الأول رفع للنسبة وفي الثاني رفع للربط ، وقد عرفت أن النسبة عبارة عن الاتحاد بين الموضوع والمحمول وهي موجودة في جميع القضايا ، بخلاف الربط فليس في جميعها وهو مفاد حرف الجر. وأمّا في مفاد كان التامّة مثل زيد موجود ، فقد قالوا بوجود النسبة في عالم التحليل العقلي ، إذْ لا نسبة بين الشيء ونفسه كما تقدم.
فالقضايا التي هي مفاد كان الناقصة يوجد فيها الربط ، فزيد عالم معناه : زيد له العلم ، وأمّا السلب ، فليس إلاّ العدم ، وهو لا حكم له ، فلما نقول : زيد ليس بموجود ، نرفع الاتحاد بين زيد والوجود ، لكن في زيد ليس عالماً ، نرفع الارتباط بينهما ، ورفع الوصف عن الموضوع لا يفيد وضع وصف آخر فيه ، فرفع القرشية عن المرأة لا يفيد اتّصافها بعدم القرشية بل هو رفع للقرشية عنها.
ففي «المرأة ترى الحمرة إلى خمسين إلاّ القرشية» عامٌّ وخاصٌّ ، فإنْ كان الخاص ـ وهو «إلاّ القرشية» ـ يفيض وصفاً عدميّاً على موضوع العام أي المرأة ، فيكون المعنى : «المرأة الموصوفة بعدم القرشية ترى الحمرة إلى خمسين» فلا يجري الاستصحاب ، لكون الوصف متأخراً عن الموضوع ، إلاّ على القول بالأصل المثبت. وإن كان الخاصّ رافعاً للقرشيّة وسالبها لها عن المرأة ، فذلك يكون على نحوين : أحدهما : المرأة غير القرشيّة ، والآخر : مورد عدم وجود المرأة من الأصل ... وعلى كلا النحوين ترتفع القرشيّة ، وهذا معنى قولهم : السّالبة المحصّلة ذات فردين : السالبة بانتفاء المحمول والسالبة بانتفاء الموضوع ... وعلى كلا الحالين ، لا مانع من الاستصحاب ، إذ المرأة لم تكن ولم تكن معها القرشية ، فهل وجدت القرشية بوجودها أوْ لا؟ الأصل هو العدم.