الوجه الثاني :
إن كلّ وصفٍ متأخّر وجوداً عن الموصوف ، لكون الموصوف في مرتبة العلّة للوصف والوصف قائم به قيام العرض بالمعروض. هذا من جهة. ومن جهةٍ اخرى : فإنّ عدم الوصف ووجوده في مرتبةٍ واحدة لأنهما متناقضان ، وكلّ متناقضين ففي مرتبةٍ واحدة.
والنتيجة : إن استصحاب عدم العرض والوصف قبل وجود الموضوع لما بعده أصل مثبت.
والجواب
أمّا المقدمة الأولى ، فلا كلام فيها ، كما هو واضح.
إنّما الكلام في المقدّمة الثّانية :
أمّا من حيث المبنى ، فبإنكار لزوم كون النقيضين في مرتبة واحدة ، لأنّ نقيض الشيء في كلّ وعاءٍ رفعه في ذلك الوعاء ، وهذه حقيقة التناقض ، وليس هو عدم الشيء في المرتبة ، إذ لا ضرورة لأنْ يكون الرفع في المرتبة بل المرتبة قيد المرفوع والمعدوم ، فهو ما يكون في المرتبة لا الرفع ، وعليه ، فإنّ نقيض القرشية في المرتبة بعد وجود المرأة هو رفع القرشيّة ، وليس هذا الرفع في المرتبة المتأخرة عن وجودها.
هذا هو الجواب الأوّل ، لكنّه مبنائي ، وتفصيل ذلك في بحث الترتب.
وأمّا من حيث البناء بعد تسليم ضرورة وحدة الرتبة بين النقيضين ، فيجاب عمّا ذكر : بأنّ الاختلاف في المرتبة يجتمع مع التقدّم في الزمان ، وذلك لأنّه ـ قبل أنْ توجد العلّة في الزّمان ـ كان الزمان ظرفاً لعدم العلّة والمعلول معاً ، مع أنّ عدم المعلول متأخّر رتبةً عن وجود العلّة ، فلا تلازم بين الاختلاف الرتبي والزماني ، بل المتأخّر رتبةً قد يتقدّم زماناً.