وعلى الجملة : فإنّ أساس مبنى تأخّر عدم العرض رتبةً عن وجود المعروض هو : إن وجود العرض وعدمه في مرتبةٍ واحدة ، ووجود المعروض كالعلّة بالنسبة إلى وجود العرض لتخلّل الفاء بينهما ، فيلزم أن يكون وجود العرض وعدمه متأخراً عن وجود المعروض ، ولكنّ هذا كلّه لا يمنع من التقدّم زماناً ، فإنّ ظرف عدم النار هو نفس ظرف عدم الحرارة أيضاً ، مع أن بين النار والحرارة اختلافاً في المرتبة ، للعلّية والمعلوليّة كما هو واضح.
وعليه ، فإنّ عدم القرشية متقدّم زماناً على المرأة والقرشيّة ـ وإنْ كانت القرشية وعدمها في رتبةٍ متأخرة عن المرأة ـ فيستصحب ذاك العدم المتقدّم زماناً إلى الزمان المتأخّر عن وجودها ، وليس بالأصل المثبت.
وهذا هو الحقيق في الجواب على فرض تسليم المبنى.
الوجه الثالث :
إن استصحاب العدم الأزلي لا عرفيّة له ، وأدلّة الاستصحاب منصرفة عنه ، لأنّ المفروض تردّد المرأة الموجودة بين القرشية وعدمها ، فيستصحب حالتها السابقة لإفادة عدم القرشية. لكنّ هذه المرأة لا «هذيّة» لها قبل وجودها ، فكيف يجري في حالها استصحاب العدم؟ قاله جماعة منهم السيد البروجردي (١).
تحقيق المطلب :
إنّ الانصراف لا بدّ له من منشأ ، والمنشأ إمّا ندرة وجود بعض حصص الماهية ، كأنْ يقال بانصراف جئني بماءٍ عن ماء زمزم في مدينة قم ، وامّا كثرة استعمال اللفظ في احدى الحصص دون الاخرى ، وامّا التشكيك في صدق المفهوم عرفاً ، كانصراف الحيوان عن الإنسان ، فإن صدقه عليه خفي ، وكانصراف
__________________
(١) نهاية الاصول : ٣٠٢.