رجلاً له تجاراتٌ متعدّدة ، منها تجارةٌ في الكتب وتجارةٌ في الذهب والمجوهرات ، فكتب إلى أحد وكلائه في البلاد بشراء كلّ كتابٍ ، ثم أرسل إليه رسالةً في أنْ لا يشتري «الجواهر» فشكّ الوكيل في أنّ مراده كتاب «جواهر الكلام» أو «المجوهرات» ، فهل يتوقّف حتى يستوضح المراد من المخصّص أو يتمسّك بالعام؟ الظاهر هو الأوّل ، وقيام السّيرة على التمسّك بالعام في مثله غير ثابت ، ومع الشك في ثبوتها ، فالقدر المتيقّن هو مورد الشبهة البدوية والأقل والأكثر الذي يؤول إليها.
بقي النظر في رأي السيد البروجردي على ضوء المقدّمات التالية :
١ ـ إن العلم الإجمالي متقوّم دائماً بقضية منفصلة مانعة الخلو ، ففيما نحن فيه : يحرم الإكرام إمّا إكرام زيد العالم وإما إكرام زيد الجاهل ، فلا بدّ من احتمال حرمة إكرام العالم أيضاً وإلاّ لم يتحقق العلم الإجمالي.
٢ ـ إن احتمال اجتماع الضدّين محال كاجتماعهما واقعاً.
٣ ـ إنّ الأحكام الخمسة متضادّة ، وإن وقع البحث في أنه تضادٌ فلسفي أو اصولي.
فقوله رحمهالله : بأنْ دليل العام حجةٌ بالنسبة إلى زيد العالم ، لكنَّ العلم الإجمالي باقٍ على حاله ، لأنا نحتمل حرمة إكرامه أيضاً (١) فيه : إنّ حجية العام في الوجوب توجب انحلال العلم ، وإلاّ يلزم احتمال اجتماع الضدّين وهو محال كما تقدّم.
__________________
(١) نهاية الاصول : ٣٠٩ ـ ٣١٠.