والجواب
فأجاب الأُستاذ : بأنْ مقتضى الدقّة في كلام (الكفاية) في بحث الواجب المعلّق هو ورود الإشكال عليه بالنظر إلى احدى بياناته فقط ، وذلك أنّه قد قرَّب قوله بإمكان الواجب المعلَّق تارةً : بأنّ الإرادة محقّقةٌ الآن والمراد معدوم ، وأثر هذه الإرادة هو الانبعاث نحو مقدّمات المراد. فعلى هذا البيان لا يرد الإشكال ، لخروج هذه الإرادة عن اللّغويّة بتأثيرها بالنسبة إلى مقدّمات متعلّق الإرادة. واخرى : إنّ البعث دائماً مقدَّم على الانبعاث ، فلو لا وجود البعث حتى يتصوَّره المكلّف ويصدّق به ، لا يتحقق الانبعاث منه ، وإذا ثبت هذا التقدّم ، فإنّه لا يفرَّق في القضيّة العقلية بين قصر الزمان وطوله للبعث والانبعاث ، وهذا المعنى إنّما يصدق في المراد المعدوم كالحج ، دون المراد منه المعدوم وهو المكلّف. فظهر الفرق بين ما نحن فيه ومسألة الواجب المعلّق.
فعلى هذين البيانين لا مجال للإشكال المزبور.
نعم ، يرد بالنظر إلى ظاهر بيانٍ ثالث له وهو : إنّ المراد من الإرادة هو الشوق البالغ حدّ النصاب وإنْ لم تكن هناك محركيّة للعبد ، فلا تكون المحركيّة الفعلية معتبرة. فيرد عليه النقض من الأصفهاني : بأنّ هذه المرتبة من الشوق كما يمكن تعلّقها بالموجود الاستقبالي في الواجب المعلَّق ، كذلك يمكن تعلّقها بالمكلّف الذي يوجد في المستقبل. فكما يتعلّق بالمراد المعدوم كذلك يتعلّق بالمراد منه المعدوم.
ومع ذلك يمكن دفع الإشكال : بأنّ البعث عند صاحب (الكفاية) إنما هو لإحداث الداعي للامتثال ، وإحداث الدّاعي بالنسبة إلى فعلٍ معدوم فعلاً معقول ، بخلاف إحداثه في نفس الشخص المعدوم فعلاً.