العمل بالعام ، فهنا قولان :
أحدهما : بطلان النسخ ، لأنّ النسخ قبل حضور وقت العمل بالعام وفعليّة الحكم ، يستلزم لغويّة جعل الحكم المنسوخ ، فالنسخ قبل حضور وقت العمل باطل.
والثاني : الجواز ، وبه قال المحققان النائيني والعراقي.
أمّا الميرزا (١) ، ففصّل بين القضيّة الحقيقية والخارجيّة ، فأجازه في الحقيقيّة ببيان أن قوام الحكم فيها هو بفرض وجود الموضوع والشرط لا بخارجيّته ، والفرض كاف لتحقق الحكم ، فهو موجود ويقبل النسخ.
وأمّا العراقي ، فأفاد بأنّه إن كان حقيقة الحكم في القضايا الشرعيّة ، هو الملازمة بين الموضوع والحكم ـ كما عليه المشهور ـ فالمجعول في (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً) (٢) هو الملازمة بين الحج والاستطاعة ـ فإنّ رفع الملازمة قبل تحقّق ما يتوقّف عليه الحكم جائز ، بناءً على رجوع الواجب المشروط إلى الواجب المعلَّق ، بأنْ يكون الوجوب فعليّاً وظرف الامتثال بعدُ ، فيجوز النسخ لارتفاع الحكم بعد وجوده.
وإنْ كان حقيقة الحكم ، هو الإرادة المبرزة ـ كما هو المختار عند المحقق العراقي ـ وأنّ الإرادة عند ما تبرَز ينتزع منها الحكم أي الوجوب ـ كما أنّ الكراهة المبرزة ينتزع منها الحرمة ـ فالمفروض وجودها حتى مع عدم وجود الشرط لها المنوطة به.
فسواء قلنا بمسلك المشهور في حقيقة الحكم أو بمسلك المحقق العراقي ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥.
(٢) سورة آل عمران : الآية ٩٧.