وقد اشكل عليه (١) : بأنّ في فرض ورود الخاص متأخّراً ، لا يبقى شكٌّ ـ سواء كان ناسخاً أو مخصّصاً ـ حتى يرجع إلى الأصل العملي ، وأمّا في الفاصل الزماني ـ إن كان للأصل أثر ـ فالمرجع هو أصالة العموم ، للشك في التخصيص. فأين مورد الأصل العملي؟
وأجاب الأُستاذ :
بأنّ مجرى الأصل هو الفاصل بين العام والدليل المتأخّر ، لكنْ ليس المرجع هو العام ، لأنّ أصالة العموم في الحقيقة هي أصالة عدم التخصيص ، فالمرجع هو الأصل العملي ....
وقياسه ما نحن فيه على مورد المجمل المردد بين الأقل والأكثر مفهوماً ، وأنه يؤخذ بالقدر المتيقَّن من الخاص ويتمسّك بعموم العام في الزائد عليه.
في غير محلّه ، لدوران الأمر هناك بين الأقل والأكثر ، أما هنا فالأمر دائر بين المتباينين ، لأنا نعلم إجمالاً بأحد الأمرين إمّا النسخ وامّا التخصيص ، فلو اريد التمسّك بأصالة العموم لحلّ العلم الإجمالي هذا ، كان معناه انحلال العلم الإجمالي بأصالة عدم التخصيص ، لكن أصالة عدم النسخ تعارض أصالة عدم التخصيص.
وهذا تمام الكلام في الخاص والعام.
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ٣٠٥.