وإذا لوحظت الماهية بهذا اللّحاظ ، كانت مجرّدةً من الوجود ـ الذهني والخارجي ـ ومن العدم ، إذ ليس مورد اللّحاظ إلاّ الذات ، ولا مانع من ارتفاع النقيضين في مرتبة الذات ... فالإنسان في مرتبة الذات لا موجود ولا معدوم.
فإنْ لوحظت ماهيّة الإنسان ـ مثلاً ـ بالقياس إلى خارج الذات ، انقسمت إلى الاعتبارات الثلاثة ، وهي البشرط واللابشرط والبشرطلا ، لأنّ تلك الخصوصيّة التي لوحظت الماهيّة بالإضافة إليها ، قد تقترن بالماهيّة فيكون بشرط شيء ، وقد يعتبر عدم اقترانها بها فيكون بشرط لا ، وثالثة لا يعتبر الاقتران ولا عدم الاقتران فيكون لا بشرط. وهذه الماهيّة الملحوظة بالقياس إلى خارج ذاتها والمنقسمة إلى الأقسام الثلاثة ، هي الماهيّة اللاّبشرط المقسمي.
فماهيّة الإنسانية إنْ لوحظت في حدّ ذاتها وذاتياتها مجرّدةً عن أيّ شيء آخر ، سمّيت بالماهيّة المهملة ، وإنْ لوحظت بالقياس إلى خارج الذات وانقسمت إلى الاعتبارات الثلاثة ، سميت باللاّبشرط المقسمي ....
فظهر افتراق «الماهيّة المهملة» عن «اللاّبشرط المقسمي».
واللابشرط المقسمي له ثلاثة أقسام كما ذكر ، لأنّ الماهيّة إن لوحظت مشروطةً بالتجرّد عن أيّ خصوصية ، فهي «بشرط لا» ، وإنْ لوحظت مع شرطٍ ـ وإنْ كان الشرط هو الإرسال ـ فهي «بشرط شيء» وإنْ لوحظت لا بشرط عن وجود وعدم شيء من الخصوصيات فهي «لا بشرط القسمي».
ثم إنّ الموضوع له لفظ «الإنسان» هو «الماهيّة المهملة» ، لكنّ موضوع البحث في باب المطلق والمقيَّد هو «اللاّبشرط المقسمي» حيث يلحظ ماهيّة «الإنسان» لا بشرط عن شيء حتى من نفس اللاّبشرطيّة.
فظهر افتراق الموضوع له اللّفظ عن موضوع البحث.