فلا بدّ من أن يكون ذاتي باب البرهان ، كالإمكان في الممكنات ، فإنّه ينتزع من ذات الماهيّة الممكنة استواء الوجود والعدم فيقال : هذا ممكنٌ ، في قبال الماهيّة الآبية عن الوجود أي الممتنع الذاتي ، والآبية عن العدم أي الواجب بالذات.
فنقول : إن كان الإطلاق ذاتيّاً من باب البرهان ، بأنْ يكون الإطلاق منتزعاً من حاق ذات الماهية بلا حيثيّة ، فإنّ دلالة الرقبة على الإطلاق من هذا الباب باطل بالضرورة.
فظهر أنّ الإطلاق ليس ذاتيَّ الماهية مطلقاً.
هذا أوّلاً.
وثانياً : إنه لا كلام في التقابل بين الإطلاق والتقييد وعدم إمكان اجتماعهما ، فلو كان الإطلاق ذاتيّ الماهيّة كان التقييد محالاً وإلاّ يلزم اجتماع المتقابلين ، بأنْ تكون الرقبة مع كونها لا بشرط عن الإيمان والكفر مقيَّدةً بالإيمان ، وهذا غير معقول.
فإن قيل :
المراد من ذاتية الإطلاق هو : إن الماهيّة بحسب ذاتها ـ أي لو خلّيت وطبعها ـ تقتضي الإطلاق ، والتقييد بمثابة المانع ، فكلّما لم يوجد المقيّد كانت الماهيّة مطلقة ، فهي مطلقة لو لا التقييد.
قلنا :
لا خلاف في التقابل بين الإطلاق والتقييد ، فقيل : إنه من قبيل العدم والملكة ، وقيل : من قبيل التضاد ، وقيل : من قبيل التناقض ، وما ذكر مردود على جميع التقادير ، لأنّ عدم كلّ مانعٍ شرط لوجود الممنوع ، فلو كان التقييد مانعاً عن