والثاني : ما ورد عنهم في مقام الإفتاء ، حيث يدخل الرجل على الإمام عليهالسلام فيسأله عن الحكم الشرعي في قضيّة ثم يخرج ويتوجّه إلى أهله وبلده ولا يرجع إلى الامام إلاّ في قضيةٍ اخرى ، فهو يستفتي من أجل العمل ، أو يكون قد أرسلوه إلى الإمام حتى يأتيهم بالجواب منه ، فيعملوا على طبق ما أجاب.
وفي هذا القسم من الروايات ، لا نقول بحمل المطلق على المقيَّد ، بل لو قال بعد ذلك كلاماً على خلافه لكان ناسخاً له ، لأن من كان في مقام الإفتاء يبيّن الحكم بكامله ولا مصلحة لتأخير البيان ... فكونه عليهالسلام في مقام الافتاء وبيان الحكم للمسألة المبتلى بها والمسئول عنها من أجل العمل ، قرينةٌ تجعل المطلق نصّاً أو تعطيه الأظهريّة من المقيَّد ، فلا يتقدَّم المقيد على المطلق.
وهذا الذي ذكرناه في القسم الثاني من الروايات وإن كان على خلاف المشهور ، لكن غير واحدٍ من الأكابر مشوا عليه ، فلاحظ كتاب الصّلاة للشيخ الحائري في صلاة العاري وأنه هل يصلّي قائماً أو قاعداً أو عليه القيام مع الأمن من الناظر والقعود مع عدم الأمن ...(١).
وكذا في مكان المصلّي في مسألة محاذاة المرأة للرجل (٢).
وكذا في مسألة التخيير في الأماكن الأربعة (٣).
وقال المحقق العراقي في (شرح التبصرة) في صلاة الآيات في مسألة القنوت فيها هل هو واجبٌ أو مستحب بحمل المقيّد على الاستحباب.
وكذا في بحث التشهّد ، حيث أخذ بالمطلقات لقوّتها وحمل الزائد على الاستحباب.
__________________
(١) كتاب الصّلاة : ٦٨.
(٢) المصدر : ٨٥.
(٣) المصدر : ٦٥٠.