وقد أورد عليه الأُستاذ :
أولاً : لا ريب في استحالة اجتماع الحكمين على المتعلَّق الواحد ـ وإنْ اختلفوا فقيل بالاستحالة الذاتية كما عليه صاحب (الكفاية) وهو ظاهر المحقق العراقي ، وقيل هي عرضية كما عليه المحقق الأصفهاني ـ لأنهما إمّا ضدّان وامّا مثلان ، فاجتماعهما محال ، لكنّ الحكمين في محلّ الكلام غير واردين في مرحلة الجعل على المتعلَّق الواحد ، لأنّ صِرف الوجود في «أعتق رقبةً» غير صرف الوجود في «أعتق رقبة مؤمنة». نعم ، في مرحلة الامتثال ينطبق الخطابان على الرقبة المؤمنة ، وإذا تعدّد المتعلَّق ، فلا حاجة إلى تصرّفٍ أصلاً. وعليه فأصل الطريق غير صحيح.
وثانياً : إنه على فرض دوران الأمر بين التصرّفين الأوّل والثالث ، قال بتعيّن الحمل على تأكّد الطلب في المجمع أي الرقبة المؤمنة ، لكنه لم يذكر لهذا الحمل دليلاً ، وإنّما ادّعى أولويّته من الحمل الآخر ، ومن المعلوم أنّ الأولويّة لا تفيد ظهوراً للكلام ، بل المرجع في رفع التنافي بين الكلامين هو العرف ، وهو إنما يكون على أساس استقرار الظهور في طرفٍ فيرفعون اليد عن الطرف الآخر ، وأمّا أنْ يكون الحمل على أساس الأولوية وأنه أخفّ مئونةً ، فهذا ليس بحملٍ عرفي.
(قال) فالصحيح أنْ يقال : إنه إنْ احرز كون الحكم المطلق صادراً في بيان الوظيفة العملية ، أي من قبيل الفتوى ، فإنّ ظهوره في الإطلاق منعقدٌ ولا بدّ من رفع اليد عن ظهور المقيَّد في الوجوب. أمّا إنْ لم يحرز ذلك ، فإنّ ظهور المقيَّد في الوجوب تامٌّ بحكم العقل ما لم يأتِ المرخّص ، ولا وجه عند العقل لرفع اليد عن هذا الظهور.
هذا كلّه فيما لو كان الحكمان مثبتين.