لا ريب أنّ كلّ ظاهر حجّة ، وأنّه لا بدّ من التحفّظ على الظهور بقدر الإمكان ، فلمّا قال أكرم العالم ، فإنّه ظاهر في وجوب إكرام مطلق العالم ، والحكم انحلاليّ يجري على كلّ أفراد العالم وينحلّ ويتحقّق هناك إطاعات ومعاصي على عدد العالم ، ثم لمّا قال : أكرم العالم العادل ، فقد ورد عنه حكم وله ظهوره ويجب التحفّظ عليه كذلك ، ولمّا لم يكن الحكم متّحداً ـ بخلاف صورة صرف الوجود ـ والأصل في القيود هو الاحترازية ، يحتمل أنْ يكون قيد العدالة نافياً للحكم من أصله ، فلا وجوب للإكرام بالنسبة إلى طبيعة العالم ، ويحتمل أنْ يكون لإكرام طبيعي العالم مصلحة لكنْ في إكرام العادل مصلحة اخرى ، ومع وجود الاحتمال الثاني لا وجه لانتفاء الإكرام من أصله ، بل العقل حاكم ببقاء الحكم بالنسبة إلى الطبيعة ، وبذلك حصل التحفّظ على الظهور في الدليلين ، والتحفّظ على أصالة الاحترازية في القيود ، ولم تلزم اللغويّة في أخذ القيد ، لأنّه قد أثّر في مرتبة الطلب ... فكان قول المشهور هو مقتضى القاعدة ، وأنّ الصحيح حمل المقيَّد مع الإطلاق الشمولي على المرتبة الأكيدة من الطلب ، لا حمل المطلق على المقيَّد ، كما كان وجوب قضاء الصّلاة كاشفاً عن كون القيد ـ وهو الوقت ـ دخيلاً في مرتبة الطلب لا في أصله ، سواء قلنا بأن القضاء بأمرٍ جديد أو هو بالأمر الأول.