العمل مبغوضاً ، وقد تقدّم أن العمل ما لم يكن محبوباً للمولى لا يصلح للمقربيّة ، وبما ذكرنا يظهر عدم إمكان تصحيحه بالإتيان به بقصد الملاك ، لأنّ مجرّد وجود المصلحة في الصلاة لا يكفي للمقربيّة ، بل المقرّب هو العمل المأتي به بما هو محقق لغرض المولى ، ومع غلبة جانب الغصبيّة لا يكون ملاك الصّلاتية المغلوب غرضاً ، لأن الغرض يتبع الملاك الغالب ، وإذا انعدم الغرض فلا ملاك للمقربيّة. ومع التنزّل عمّا ذكرنا ، تصل النوبة إلى الشك ، فهل مثل هذا الملاك الذي أصبح مغلوباً للمفسدة صالحٌ للمقربيّة أو لا؟
وأمّا تصحيحه بقصد الأمر ، فهو على أساس أنّ التزاحم بين الملاكات إنما هو بحسب وصولها إلى المكلَّف وعلمه بها والتفاته إليها ، والمفروض هنا جهل المكلَّف بالنهي عن قصورٍ لا تقصير ، فيتمشى منه قصد الأمر المتعلِّق بطبيعة الصّلاة ... لكن هذا الأساس باطل ، لأن الأحكام تابعة للملاكات الواقعية ، ولا دخل لعلم المكلَّف وجهله في تمامية الملاك وعدمها ، تماميّته وإلاّ يلزم التصويب ، لأنه لو كانت الفعلية تابعةً للوصول ، فعلى القول بالامتناع وتقديم جانب النهي ، غير واصلٍ إلى الجاهل ، بل الأمر هو الواصل إليه ، فالمجمع مأمور به ، وهذا هو التصويب.
والحاصل : إن الملاكات الواقعية مؤثرة ، ومع تقديم جانب النهي ـ وإنْ لم يكن واصلاً ـ ينتفي الملاك عن الصّلاة ، وبه ينتفي الأمر ، فلا يمكن تصحيحها بقصد الأمر ... ويكون العمل باطلاً.