من النذر يتعلّق بذات العبادة التي كانت متعلّقة للأمر الاستحبابي في نفسها ، فيندكّ الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي ويتّحد به ، فيكتسب الأمر الوجوبي جهة التعبّد من الأمر الاستحبابي ، كما أنّ الأمر الاستحبابي يكتسب جهة اللّزوم من الأمر الوجوبي ، فيتولّد من اندكاك أحد الأمرين في الآخر أمر واحد وجوبي عبادة ، والسرّ في ذلك : أنه إذا كان متعلّق كلٍّ من الأمرين عين ما تعلَّق به الآخر ، فلا بدّ من اندكاك أحدهما في الآخر وإلاّ لزم اجتماع الضدّين في شيء واحد.
وأمّا إذا كانت العبادة المستحبة متعلَّقة للإجارة في موارد النيابة عن الغير ، كان متعلَّق الأمر الاستحبابي مغايراً لما تعلَّق به الأمر الوجوبي ، لأن الأمر الاستحبابي على الفرض تعلَّق بذات العبادة ، وأمّا الأمر الناشئ من الإجارة فهو لم يتعلّق بها بل تعلَّق بإتيان العبادة بداعي الأمر المتوجّه إلى المنوب عنه ، وعلى ذلك يستحيل تداخل الأمرين باندكاك أحدهما في الآخر في موارد الإجارة على العبادة ، إذ التداخل فرع وحدة المتعلَّق ، والمفروض عدم وحدته في تلك الموارد ، فلا يلزم اجتماع الضدّين في شيء واحد.
(ثم قال) ما حاصله : إن ما نحن فيه من قبيل الإجارة لا من قبيل النذر ، فالأمر بصوم عاشوراء متعلِّق بذات العبادة ، لكنّ النهي متعلِّق بالتعبّد بهذه العبادة لِما فيه من المشابهة للأعداء ، فاختلف المتعلَّق ، لكنّ النهي لمّا كان تنزيهيّاً ، فإنّه لا يكون مانعاً من التعبّد بمتعلّقه ، بل يجوز الإتيان بتلك العبادة بداعي الأمر المتعلّق بذاتها ... فارتفع إشكال اجتماع الضدّين في هذا القسم من العبادات المكروهة (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٧.