فانبرى تلميذُهُ أبوالفتح عثمان بنُ جِنّي (ت / ٣٩٢ هـ) وحقَّقَ رغبةَ شيخهِ ، فأَ لَّفَ في آخر حياته كتابَ (الُمحتَسَب) محتجًّا فيه للقراءات الشاذَّة ، وقالَ في مقدّمته : (وأنا بإِذْنِ اللهِ بادئ بكتاب أذكر فيه أَحوالَ ما شذَّ عن السبعةِ وقائلٌ في معناه ممّا يَمُنُّ بهِ اللهُ عزَّ اسمُه).
والمحتَسَبُ واحدٌ من الكتب التي تركها لنا أبو الفتح عثمان بن جِنِّي فقد ترك لنا كتباً مهمَّةً ذكرها من ترجم له جاوز عددها الستين كتاباً بعضها مطبوع وبعضها ما يزال مخطوطاً وبعضُها الآخر مفقود.
ومن المطبوع : الخصائصُ وسرُّ صناعة الإِعراب والمنصف واللُّمَعُ والفسْرُ والتَّـمَـامُ والفتح الوهبي والمبهج وغيرُهَا.
لقد باركَ اللهُ في عمر ابن جِنِّي حتّى قاربَ السَّبعينَ وَبارَكَ في مؤلّفاته حتّى قاربتِ السَّبعينَ.
وفي آخر حياتِهِ ألَّفَ الُمحتَسَب وأرادَ أنّ يَحْتَسِبَه عندَ اللهِ.
قال الشريف الرضي (ت / ٤٠٦ هـ) : كان شيخُنا أبو الفتح النحوي عمل في آخر عمره كتاباً يشتمِلُ على الاحتجاج لقراءة الشواذ.
ولم يَخرُجْ أبو الفتح في نهجه في الُمحتَسَب عن نهج شيخه أَبي علي الفارسي في الحُجَّة إلاّ بمقدار ما يقتضي الاختلاف بين القراءة السَّبعِيَّةِ والقراءةِ الشاذّةِ فهو يعرِضُ القراءةَ ويذكرُ من قرأَ بها ثُمَّ يبحثُ لها عن قاعدة نحويّة يخرّجُها عليها أو شاهد فيرويهِ أو لهجة فيردّها إليها أو يذهب إلى التأويل والتوجيه حتَّى يوحي إليك أنَّ القراءةَ الشاذّةَ مُقَدّمةُ على القراءة السَّبعيَّةِ.
ويملك أبو الفتح ثروةً هائلةً من الشواهد ولذلك فهي تنهال عليه انهيالا