الكلام بـ (لا) (١) وَإنْ كانت بعد حرف العطف (٢) كان الاكتفاء من التوكيد بِمَا هو أطول مِنْ (لا) وهو أيضاً قبلَ الواو ، كما أنَّ التوكيدَ لو ظهر لكانَ قبلها أحرى.
وعلى ذلك فلو قال قائل : قم وزيدٌ : فَعَطَف على الضميرِ المرفوعِ من غير توكيد كانَ أقبحَ مِن قولِنا قمتُ وزيدٌ ، وذلك أنَّ المعطوف عليه في قم وزيدٌ ضمير لا لفظَ لَهُ فهو أَضعفُ مِن الضمير في قمتُ لأَنَّ لهُ لفظاً وهو التَّاءُ وقمتُ وزيدٌ أضعفُ من قمنا وزيدٌ ، لأَنَّ (نا) من قمنا أتمُّ لفظاً من التاءِ في قمتُ.
وعليهِ أيضاً تَعْلَم أَنّ قمتما وزيدٌ أشبَهُ شيئاً من قمنا وزيدٌ : لأَنَّ (تما) من قمتما أتمُّ مِن (نا) من قمنا. وكذلك أَيضاً قولك للنساء : ادخلنانِّ وزيدٌ أَمثل من قولك : دخلتن وزيدٌ ، لأنّ (نان) من ادخلنانِّ أَطول من (تن) من دخلتن ، فهذه مُصارفة وإنْ خَفِيَتْ ولطُفَتْ تُؤَثّر في أَنْفُسِ العارفينَ بِها وإلاّ تخطرُ على أَوهامِ الساهينَ عنها (٣).
وكذلك لو قلت : اضربنانِهِ وزيدٌ لَكَانَ أَمثل من ادخلنانِّ وزيدٌ ، لأنَّ (نانِّه) ستّة أحرف و (نانِّ) أَربعة أَحرف ، وكذلك اضربنانِّهما وزيدٌ أَمثل مِن اضربنانِّه وزيدٌ لأَنَّ (نانِّهما) سبعةُ أَحرف و (نانِّه) ستّة أَحرف ، وكذلِك
__________________
(١) قال سيبويه : «حَسُنَ العطفُ على الضَّمير من غير توكيد لمكان (لا)». الكتاب : ١ / ٣٩٠.
(٢) فإن قلت : إنَّ (لا) يقوم مقام التأكيد فقد قال أبو علي الفارسي في الجواب : إنَّمَا يقومُ (لا) مقامَ التَّأكيد إِنْ كانتْ قبلَ الواوِ فأمَّا إذا جاءتْ بعدَ الواو لم تقمْ مقامْ التَّأكيد.
وذهب بعضهم إلى أنَّ هذا استدراك من أبي علي على البصريين قاطبة.
انظر : إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٠٠.
(٣) الظاهر ان كثرة حروف الضمير لا تعطيه امتيازات كما ذهب إليه أبو الفتح.