تأت منكنَّ) (١) بالتاء.
قال أبو الفتح : هذا حمل على المعنى ، كأَنَّ (مَنْ) هُنا امرأة في المعنى ، فكأ نّه قال : أيَّة امرأة أتتْ مِنُكنَّ بفاحشة ، أو تأتي بفاحشة ، وهو كثير في الكلام معناهُ للبيانِ كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ) (٢) ، وقول الفرزدق :
تَعَشَ فَإنْ عَاهَدتَني لاَ تَخُونُنِي |
|
نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذئبُ يصطحبانِ (٣) |
أي مثل اللذينِ يصطحبانِ ، أَو مثلَ اثنينِ يصطحبانِ وأَنْ يكونَ على الصّلةِ أَولى مِنْ أَنْ يكونَ على الصّفةِ. فكأنَّ الموضع في هذا الحمل على المعنى إنَّمَا بابهُ الصّلةُ ثمّ شابهت بها الصّفة ، ثمّ شُبِّهتِ الحالُ بالصّفةِ ، ثمّ شُبِّهَ الخبرُ بالحال ، كذا ينبغي أَنْ يُرَتَّبَ هذا البابُ مِنْ تنزيل ، ولا ينبغي أَنْ يؤخذَ باباً سرداً وطرحاً واحداً ، وذلك أَنَّ الصّلَةَ أذهبُ في بابِ التخصيص من الصّفةِ لإبهام الموصل فَلَمَّا قويتِ الحاجةُ إلى البيان في الصّلة جاء ضميرُها من الصّلةِ على معناها لأِ نَّهُ أَشدُّ إفصاحاً بالغرضِ وأَذهبُ في البيان المعتمدِ.
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٠ : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) والمراد بالفاحشة هنا الذنب الكبير.
(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤٢ (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ).
(٣) يروى (تعال) مكان (تعش) و (وَاثَقْتَنِي) مكان (عَاهَدْتَنِي). انظر : ديوان الفرزدق : ٨٧٠ والكتاب : ١ / ٤٠٤ والمقتضب : ٢ / ٢٩٥ والخصائص : ٢ / ٤٢٢ والمحتسب : ١ / ٢١٩ و ٢ / ١٧٩ وشرح المفصل : ٢ / ١٣٢ و ٤ / ١٣ والمغني : ٢ / ٤٠٤ والهمع : ١ / ٨٧ ـ ٨٨ وشرح الأشموني : ١ / ١٥٣.