تشركون (١) ، لدلالة ما قبله عليه ، وهو قوله تعالى : (ءَآللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) وما يحذف خبره لِدَلالة ما هناك عَليه أَكثر مِن أَن يحصى (٣) وقرأ أبو عبد الرحمن عبدُ الله بنُ يزيدَ : (الذي تساءَلونَ بهِ والأرحامُ) (٤) رفعاً قراءةً ثالثةً.
قالَ أَبو الفتح : ينبغي أنْ يكونَ رفعُهُ على الابتداءِ وخبرُهُ محذوفٌ ، أَي : والأرحامُ مِمَّا يَجِبُ أَن تَتَّقُوهُ (٥) وأنْ تحتاطوا لأَنفِسِكُم فيه ، وحَسُنَ رفَعُهُ لأَ نَّه أوكدُ في مَعنَاهُ أَلاَ ترى أَنك إذا قلتَ ضربتُ زيداً فزيدٌ فضلةٌ على الجملةِ ، وإنَّمَا ذكر فيها مرّةً واحدةً؟ فإذا قلتَ : زيدٌ ضربتُهُ فزيدٌ رَبُّ الجملةِ ، فلا يُمكنُ حذفُهُ كَما يُحذَفُ المفعولُ على أَنَّهُ نيِّفٌ وفضلةٌ بعد استقلال الجملةِ ، نعمْ ولزِيد فيها ذِكْرَانِ : أَحدُهُما : اسمُهُ الظاهرُ.
والآخر : ضميرُهُ ، وهو الهاءُ ، ولَمَّا كانَتِ الأرحامُ فيما يُعنى بهِ ويقوى الأَمر في مراعاته جاءت بلفظ المبتدأ الذي هو أَقوى مِنَ المفعولِ.
__________________
(١) وهكذا قدره الزمخشري ، وقال ابن عطية تقديره : «يكفر بنعمتِهِ ويشرك» وهو تقدير لا يستقيم معه المعنى ، وقال الرَّازي : لا بدَّ من إضمار جملة معادلة والتقديرُ : أَمَنْ خَلقَ السماواتِ كَمَنْ لم يخلق؟ انظر : البحر المحيط : ٧ / ٨٩.
(٢) سورة النمل : ٢٧ / ٥٩.
(٣) المحتسب : ٢ / ١٤٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
(٥) وقدَّرَهُ العكبري : والأرحامُ محترمة أو واجبٌ احترامها.
انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٦٥.