وإذا نُصِبَتِ (١) الأرحام أو جُرَّتْ (٢) فهي فضلة ، والفضلة متعرِّضَةٌ للحذف والبذلةِ.
فإنْ قلتَ : فَقَد حُذِفَ خبرُ الأرحامِ أَيضاً على قولك.
قيل : أَجل ، وَلَكِنَّهُ لم يحذف إلاّ بعدَ العلم بهِ ، ولو قد حُذفتِ الأرحامُ منصوبةً أو مجرورةً فقلت : (وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) لم يكن في الكلام دليل على الأرحام إنَّها مرادة أو مقدرة ، وكلَّمَا قويتْ الدَّلالةُ على المحذوف كان حذفه أسوغ ، ونحو من رفع الأَرحام هنا بعد النصب والجرِّ قول الفرزدق :
يَا أيَّها المُشتكِي عُكلاً ومَا جَرَمَتْ |
|
إلى القبائِل من قتل وإِبْآسُ |
إنَّا كَذَلَك إذ كانت هَمَرَّجَةٌ |
|
نَسبِي وَنَقْتُلُ حَتَّى يُسْلَم الناسُ (٣) |
__________________
(١) قراءة جمهور السبعة ما عدا حمزة. انظر : الحُجَّة لابن خالويه : ٩٤ والكشف عن وجوه القراءات السَّبْع : ١ / ٢٧٥ والبحر المحيط : ٣ / ١٥٧.
(٢) الجرّ قراءة حمزة. وهي قراءة ابن عباس والحسن والنَّخعي وقتادة والأعمش وغيرهم. وقد ردّ نحاة البصرة هذه القراءة ، وضعفوها وقالوا : لا تجوز ، لأ نَّه لا يُعطَفُ ظاهرٌ على مضمر مخفوض من غيرِ إعادةِ حرفِ الجرِّ. لكنْ أجازَ ذلك الكوفيونَ كما أجازَهُ منَ البصريين يُونُس وقُطرُب ونُسِبَ القولُ بإجازةِ ذلك إلى الأخفشِ ، ولا أدري أَي أخفش هو من الأخافش الأحد عشر ، لأنَّ سعيد بن مُسعدةَ الأخفش الأوسط قد ذهب إلى منع ذلك في (معاني القرآن) وممن يجوِّزَ ذلك أبو علي الشلوبين وابنُ مالك وأَبو حَيَّان. ويُخَرِّجُ أبو الفتح بنُ جنِّي قراءةَ حمزةَ على حذف الباء. الخصائص : ١ / ٢٨٥ والإنصاف : ٢ / ٢٤٦ المسألة : ٦٥ وشرح المفصل : ٣ / ٧٨ وشرح الكافية : ١ / ٣٢٠ وشواهد التوضيح والتصحيح : ٥٣ وما بعدَهَا والبحر المحيط : ٢ / ١٤٧ و ٣ / ١٥٧ ـ ١٥٩ وشرح ابن عقيل : ٢ / ٢٤٠ وهمع الهوامع : ٢ / ١٣٩ والمجيد في إعراب القرآن المجيد : ١ / ٥٥ والدفاع عن القرآن : ٢ ـ ٤.
(٣) ورد في لسان العرب صدر البيت الثاني غير منسوب و (بينا) مكان (إِنَّا) و (هاجت)