الكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُور) (١) أَي ما الكافِرُونَ إلاَّ في غُرور ، فكأَ نَّهُ قال : وإنَّه كَادَ مَكْرُهُم تَزُولُ مِنْهُ الجبالُ.
وَدَخَلْتُ يَوماً على أَبي عليّ بُعَيدَ عَودَتِهِ من شيرازَ سنةَ تسع وستّينَ فقال لي : أَلاَ أُحدثُك؟
قلت له : قل! قال : دَخَلَ إِليَّ هذا الأَندَلُسِيّ فظننته قد تَعَلَّمَ فإِذا هو يظن أَنَّ اللاّمَ التي تصحب إنِ المخفّفة من الثقيلة هي لام الابتداء (٢).
قلت : لا تعجب فأكثر من ترى هكذا (٣).
وَقَرأَ ابنُ مسعود والأعمش (٤) : (إن كُلٌّ إِلاَّ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك) (٥).
قال أبو الفتح : معناه : ما كل إِلاَّ واللهُ ليوفينّهم ، كقولك : ما زيد إلاَّ لأضربنَّه أَي مَا زيدُ إلاَّ مستحقٌّ لأن يقال فيه هذا ، ويجوز فيه وجه ثان ، وهو أَنْ تكون (إِنْ) مخفّفةً من الثقيلة وتجعل (إِلاَّ) زائدة. وقد جاءَ عنهم ذلك. قال :
أرى الدَّهرَ إلاَّ مَنْجَنُوناً بِأهلِهِ |
|
وما طالبُ الحاجاتِ إلاَّ مُعَلَّلا (٦) |
__________________
(١) سورة الملك : ٦٧ / ٢٠.
(٢) هذا الرأي ذهب إليه علي بن سليمان الأخفش الصغير وأكثر نحاةِ بغداد وبِهِ قالَ من نحاةِ الأندَلُس ابنُ الأخضر. ويرى أبو علي الفارسي أَنَّها ليستْ لامَ ابتداء وتابَعَهُ من الأندلسيين ابن أبي العالية. انظر : البحر المحيط : ١ / ٢٦٤ وما مرَّ في : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٣) المحتسب : ١ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ونقل ذلك ابن هشام في المغني : ١ / ٢٣١.
(٤) انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.
(٥) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١١١ : (وإنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّك أَعْمالَهُم إنَّهُ بِمَا يَعْمَلونَ خَبِيرٌ) والقراءة المذكورة موجودة في مصحف ابن مسعود ، والقرّاء السبعة يقرؤن (كلا) بالنصب كما في البحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.
(٦) البيت لأحد بني سعد انفرد ابن جنِّي بروايتِهِ هكذا وفي المصادر الأخرى (معذباً) مكان