أَي : أَرى الدهر منجنوناً بأهله يتقلّب بهم ، فتارة يرفعهم وتارة يخفضهم ، وعلى ذلك تأوّلوا قول ذي الرمّة :
حَرَاجِيجُ مَا تنفكّ إِلاَّ مُنَاخَةً |
|
على الخَسْفِ أَوْ تَرْمي بها بلداً قفرا (١) |
أَي : ما تنفك مُنَاخَةً ، وإلاَّ زائدة (٢).
وَقَرَأَ أَبو رَجاء : (لِمَا مَتَاعُ) (٣).
قَالَ أبو الفتحِ : إِنَّ ابن مجاهد لم يذكر كيفَ إِعراب (كُل) في هذه الآية؟ هل هو مرفوعٌ أَو منصوب؟ وينبغي أنْ يكونَ منصوباً (٤) وذلك أَنَّ (إِنْ) هذه مخفّفة من الثقيلة ، ومتى خُفِّفَتْ مِنْها وأُبطل نصبُها (٥) لزمتها اللاّمُ (٦) في آخر الكلام للفرق بينها وبين (إِنِ) النافية بمعنى ما ، وذلك قولك : إنْ زيدٌ لَقَائِمٌ ، وقوله :
__________________
(معلّلاً). وفي بعضها (وما الدهر). والمنجنون : الدولاب الذي يُستَقَى عليه. مؤنّث. انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والجنى الداني : ٣٢٦ والمغني : ١ / ٧٣ وشرح التصريح : ١ / ١٩٧ وشرح شواهد المغني : ١ / ٢٢٠ وشرح الأشموني : ١ / ٢٤٨.
(١) انظر : الديوان : ١٧٣ والكتاب : ١ / ٤٢٨ والمحتسب : ١ / ٣٢٩ وشرح الكافية : ٢ / ٢٩٦ والجنى الداني : ٤٨٠ والمغني : ١ / ٧٣ والبحر المحيط : ١ / ٤٨٣.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.
(٣) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٥ : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
(٤) من قوله تعالى : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ) ، وهو لا يريدُ أَنَّ النصبَ قراءة وإنَّمَا هو الاستنباط. وليس في كتب القراءات ما يشير إلى قراءة بنصب (كل).
(٥) (إن) المخفّفة من الثقيلة فيها لغتان : الإعمالُ والإهمالُ. قُرِئ بإعمالِها في سورة هود : ١١ / ١١١ (إنْ كلاًّ لَمَا لَيُوفّيَـنَهم رَبَّكَ أَعَمَالَهُم). وَنَقَلَ سيبويه أنَّهُ سَمعَ قولَ العربِ : إنْ عمراً لمُنطَلِقٌ. انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٣ واللاّمات : ١٢٨ والتيسير : ١٢٦ والجنى الداني : ٢٢٨ والمغني : ١ / ٢٣١ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦ وشرح الكافية : ٢ / ٣٥٨.
(٦) انظر : ص : ١٧٧.