زَكَرِيّا (١).
وقَرَأَ ابنُ عباس فيما رواه سليمان بن أَرقم عن أَبي يزيد المدني عن ابن عباس : (فأُمْتِعْهُ قَليلاً ثُمَّ أضْطَرُّهُ) (٢) على الدعاء من إبراهيم (عليه السلام) قال أَبو الفتح : أَمَّا على قراءةِ الجماعةِ (قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ) فإنَّ الفاعلَ في (قَالَ) هو اسم الله تعالى ، أَي : لَمَّا قالَ إِبراهيمُ : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) (٣) قال الله : (وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ). وأَمَّا على قراءَةِ ابن عباس : (فَأَمْتِعْهُ قَليلاً ثم اضْطَرَّهُ إلى عَذِابِ النَّارِ) فيحتمل أَمرَين.
أَحدُهُمَا وهو الظاهر : أَنْ يكونَ الفاعلُ في (قَالَ) ضميرَ إبراهيم (عليه السلام) أَي : قال إبراهيمُ أَيضاً : ومن كَفَرَ فَأَمِتعْهُ يا ربِّ ثمَّ اضطَرَّهُ يا ربِّ. وحَسُنَ على هذا إعادة (قَالَ) لأَمرينِ :
أحدُهُمَا : طولُ الكلام ، فَلَمَّا تباعدَ آخرُهُ مِنْ أَوَّلِهِ أُعيدتْ (قَالَ) لِبُعْدِهَا كما قد يَجُوزُ معَ طولِ الكلامِ ما لا يجوزُ مع قِصَرِهِ.
والآخرُ : أَنَّهُ انتقلَ من الدُّعَاءِ لقوم إلى الدُّعاءِ على آخرينَ فكأنَّ ذلك أخذٌ في كلام آخرَ فاستُؤنِفَ معه لفظُ القولِ.
وأمَّا الآخر : فهو أَنْ يكونَ الفاعل في (قَالَ) ضمير اسم اللهِ تعالى ، أَي :
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣٧.
(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٢٦ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٢٦.