حَسَنة.
فَإِن قُلتَ : فَهلا حملتَهُ على حذفِ الموصوفِ فَكَأ نَّهُ قالَ : فَلَهُ عَشْرُ حسنات أمثالِها. قِيلَ : حذفُ الموصوفِ وإقَامَةُ الصفةِ مقامَهُ قَبْلُ ليسَ بِمُستَحْسَن في القياسِ ، وأَكثرُ مَأْتَاهُ إنَّما هو في الشّعرِ ، ولذلك ضَعُفَ حَمْلُ (دَانِيَةً) من قولهِ تعالى : (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا) (١) على أَنَّهُ وَصْف (٢) جنّة ، أَي : وجَنَّة دانية عليهم ظلالها عطفاً على جنَّة من قوله : (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (٣) ، وجَنَّة دانية عليهم ظِلالُها لِمَا فيه من حذفِ الموصوفِ وإقامَةِ الصِّفَةِ مقامَهُ حتَّى عطفوها على قولِهِ : (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَائِك) (٤) ، ودانية عليهم ظلالُها فكانت حالاً معطوفة على حال قبلها ، فلهذا يضعف أَنْ يكونَ تقدير الآية على : فَلَهُ عَشْرُ حَسَنات أمثالِها بل تكون أمثالها غير صفة ، لكنَّهُ محمولٌ على المعنى ، إذ كنَّ حسنات كما ترى (٥).
وَعَليه قوله تعالى : (تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) (٦) ، لما كان ذلك
__________________
(١) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٤.
(٢) وقد جوّز ذلك العُكبَري : (انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٧٦).
(٣) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٢.
(٤) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٣.
(٥) هذا رأَي الأخفش والزَّجَّاج وغيرهما ، وجوَّزَ بعضُهم أن تكونَ معطوفَةً على (مُتَّكِئِينَ) أو على (جَنَّة) أو مفعولاً ثانياً (لِجَزَاهُمْ). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٨٩ / أومعاني القرآن للفرَّاء : ٣ / ٢٧٦ ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٨٤ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ٢ / ٢٧٦ والبيان : ٢ / ٤٨٢ والبحر المحيط : ٨ / ٣٩٦.
(٦) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٠ : (قَالَ قَآ ئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَ لْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ).