ويقطعُ غَوَارِبَ الرِّجَالِ (١).
وقرأ الأعرج والشعبي والحسنُ : (شَهادَةٌ بَيْنَكم) (٢) رفعٌ ، وعن الأَعرج بخلاف : (شَهَادَةً بَينَكم) نصبٌ.
قَال أَبو الفتح : أَمَّا الرفْعُ بالتَّنوين فعلى سمتِ قراءةِ العامّةِ (شهادةُ بَيْنِكُم) بالإضافةِ فحذفَ التنوين فانجرَّ الاسمُ.
وأمّا (شَهَادَةً بينَكم) بالنَّصْبِ والتنوينِ فنصبُها على فعل مضمر ، أَي : لِيُقِمْ شهادةً بَيْنَكم اثنانِ (٣) ذَوا عدل مِنْكُم ، كَما أنَّ مَنْ رَفَعَ فَنَوَّنَ أَوْ لَمْ يُنَوِّنْ فَهوَ عَلى نحو من هذا أَيّ : مقيمُ شهادةِ بَيْنِكُم أَوْ شَهَادَة بَيْنَكُم اثنان ذوا عَدْل مِنْكُم ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ ، وأُقيمَ المضافُ إليهِ مُقامَه ، وإِنْ شئتَ كانَ المضافُ محذوفاً مِنْ آخر الكَلامِ ، أَي : شهادةٌ بينَكُم شهادةُ اثنين ذَوَي عَدْل مِنْكُم ، أَي : ينبغي أن تَكونَ الشهادةُ المُعْتَمَدَةُ هكذا (٤) وقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَعَمْروُ بنُ
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٢١٠.
(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ١٠٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ).
(٣) قالَ أبو حَيَان : هَذا الَّذِي ذَكَرهُ ابنُ جِنِّي مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ أَصحابُنا ، قالوا : لا يجوزُ حذفُ الفعلِ وإبقاءَ فاعلِهِ إلاَّ إِنْ أشعر بالفعل ما قبله ... أو أُجيب به نفي ... أو أجيب به استفهامٌ ... وليس حذفُ الفعلِ الذي قدَّرَهُ ابنُ جِنِّي وتَبِعَهُ الزَّمخشري واحداً من هذه الأقسام الثلاثة. ثمّ خَرَّجَ أبو حيان القراءة الشاذَّة على أحد وجهين :
أ ـ أنْ يكونَ (شَهَادةً) منصوباً على المصدر الذي نابَ منابَ الفعل بمعنى الأَمر ، واثنان مرتفعٌ به ... فيكونُ من بَابِ قولِك : ضَرْباً زيداً ....
ب ـ أَنْ يكونَ أَيضاً مصدراً ليس بمعنى الأمر بل يكون خبراً نابَ منابَ الفعل ... كقولِك : أَفعل وكرامةً ومسرةً ، أَي أكْرَمُك وأسُرك. البحر المحيط : ٤ / ٢٣٩.
(٤) المحتسب : ١ / ٢٢٠.