رُقُودٌ) (١) فَهَذِهِ أَحوالٌ مشاهدةٌ ، فكذلك (تَقَلُّبَهُم) دَاخلٌ في معناهُ فَكأَ نَّهُ قَالَ : وَتَرَى أَوْ تُشَاهد تَقَلُّبَهُمْ ذَاتَ اليمينِ وَذَاتُ الشمالِ. فَإِنْ قِيلَ : إنَّ التَّقَلُبَ حَرَكةٌ ، والحَرَكَةُ غيرُ مرئية قِيلَ : هذا غور آخر ليسَ مِنَ القراءةِ في شيء إلاَّ أَنَّك تَرَاهُمْ يتقلبون والمعنى مفهوم. وليسَ كُلَّ أَحد يَقُولُ : إنَّ الحَرَكةَ لا تُرى (٢).
وَقَرَأَ الحسن والجَحْدَري وَسَلاَّم وَيَعقوب : (وَلُؤْلُؤاً) (٣) بالنَّصب.
قال أَبو الفتح : هو محمولٌ على فِعْل يَدلُّ عليهِ قولُهُ : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ) ، أَي : وَيُؤتَوْنَ لُؤلُؤا ، ويلبسونَ لؤلؤاً.
ومثله قراءةُ أُبَيّ (وحوراً عيناً) (٤) ، أَي : وَيُؤْتَونَ حوَراً عيناً ، وَيُزَوَّجُونَ حُوراً عيناً ، ومِثلُهُ مِمَّا نُصِبَ عَلى إضمارِ فعل يَدلُّ عليهِ ما قبلَهُ قولُهُ :
جِئني بِمِثْلِ بَنِي بَدْر لِقَوْمِهِمُ |
|
أَوْ مِثْلَ أُسْرَةَ مَنْظُورِ بْنِ سَيَّارِ (٥) |
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.
(٢) المحتسب : ٢ / ٢٦.
(٣) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٢٣ : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ). قرأ عاصم ونافع وأبو جعفر ويعقوب بالنصب عطفاً على محل : (مِنْ أَسَاوِرَ) أو بتقدير فعل ، أي : يؤتون لؤْلؤاً ، وباقي الأربعة عشر بالجرّ عطفاً على : (أَسَاوِرَ). إتحاف فضلاء البشر ـ طبعة دار الندوة بيروت المصورة على نشرة علي محمد الضباع : ٣١٤.
وبالحديث عن هذه القراءة يكون ابن جني قد خرج عن منهجه في كتاب المحتسب الذي وضعه في الأصل (في تبيين وجوه القراءات الشاذة والإيضاح عنها) ، وقال في مقدّمته : (وأنَا بإذن الله بادئٌ بكتاب أذكرُ فيهِ أحوالَ ما شذَّ عن السبع) المحتسب : ١ / ٣٤ ، وهذه القراءة سبعية وليست شاذّة.
(٤) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٢ : (وَحُوْرٌ عِيْنٌ).
(٥) البيت لجرير. ويروى (جيئوا) مكان (جئني).