مَا نَعُبُدُهُمْ) (١) ، وفيهِ : (والملائِكَةُ بَاسِطوا أَيديِهِم يقولون أَخْرِجُوا) (٢).
قال أَبو الفتح : في هذا دليل على صحّة ما يذهب إِليه أَصحابُنا من أَنَّ القولَ مرادٌ مقدَّرٌ في نحو هذه الأَشياءِ وأَ نَّهُ لَيْسَ كما يَذْهَبُ إليهِ الكُوفِيون من أَنَّ الكلامَ محصولٌ على معناهُ دون أَنْ يكونَ القولُ مقدراً مَعَهُ ، وذلِك كقولَ الشاعر :
رَجْلانِ مِنْ ضُبَّةَ أَخْبَرَانَا |
|
إنَّا رَأَيْنَا رَجُلاً عريانا (٣) |
فهو عِندنا نَحنُ على قالا إِنَّا رأَيْنَا وعلى قولِهِم لا إضْمَارَ قول هناك (٤).
لكنَّهُ لَمَّا كانَ أَخبرَانا في معنى قالا لَنَا صارَ كأ نّهُ قَالا لَنا ، فأَمَّا على إِضمار قَالا في الحقيقةِ فَلاَ.
وقد رَأَيتَ إلى قراءة ابن مسعود كيف ظهر ما نقدره من القول فصار قاطعاً على أَنَّهُ مرادٌ فيما يجري مجراه. وكذلك قوله :
__________________
مُصحَفِ ابنِ مسعود. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٤١٤ والبحر المحيط : ٧ / ٤١٤ وكتاب المصاحف : ٦٩.
(١) من قوله تعالى من سورة الزمر : ٣٩ / ٣ : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُـقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) من غير (قالوا).
(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ٩٣ : (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) من غير (يقولون).
(٣) يروى (من مكَّة) مكان (من ضبَّة). ولم ينسب لأَحد. انظر : الخصائص : ٢ / ٣٣٨ والمحتسب : ١ / ١٠٩ و ٢٥٠ والخزانة ـ ط ـ بولاق : ٤ / ٢٣ والمغني : ٢ / ٤١٣.
(٤) هذه الجُمَل في محل نصب اتفاقاً ، ثمّ قال البصريونَ والفرّاءُ : النَّصبُ بقول مُقَدَّر ، وقال الكوفيون بالفعل المذكور. انظر : معاني القرآن للفرّاءِ : ٢ / ٦٢ و ٤١٤ والمغني : ٢ / ٤١٣ ، وفي هذا تأكيد على أنَّ أبا الفتح بن جِنِّي بصري المذهب النحوي.