اتَّسعَ عَنْهُم حذفُ القولِ كقولهِ تَعالى : (يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيْكُم) أَيّ : يَقُولُونَ لَهُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.
وَقَالَ الشاعرُ :
رَجْلاَنِ مِنْ ضبَّةَ أَخبرانا |
|
إنَّا رأَيْنَا رَجُلاً عريانا (١) |
أَي : قالاَ : إنَّا رَأَيْنَا وَلِذَلِك كَسَر.
هَكَذا مَذْهَبُ أَصحابِنا فِي نَحوِ هَذَا مِنْ إضْمَارِ القولِ (٢) فَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا : (لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) جملة منصوبة الموضع على الحالِ (٣) أَي : دَخَلوا الجنّة أَوْ أُدْخِلوا الجَنَّةَ مَقُولاً لَهُمْ هَذَا الكلام الذي هو لا خوفٌ عَلَيْكُمْ ، وَحُذِفَ القولُ وَهْوَ مَنْصُوبٌ عَلى الحالِ ، وأُقِيمَ مقامه قَوْلُهُ : (لاَ خوفٌ عَلَيْكُمْ) فانتصب انتصابه ، كما أَنَّ قولهم : كَلَّمْتُهُ فاهُ إلى فِيَّ ، منصوبٌ على الحالِ ، لاَِ نَّهُ نَابَ عن جاعلاً فَاهُ إلى فِيَّ ، أَوْ لأَ نَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ مشافهةً التي هي نائبة عن مشافِهاً له (٤).
وَقَرأَ عبد الله بن مسلم بن يَسَار وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ تَتَّقُونَ) (٥) بالتاءِ.
قالَ أَبو الفتحِ : هو عِنْدَنَا عَلى إضمَـار القولِ فيهِ ، وإِيْضَاحُهُ : (وَإِذْ نَادَى
__________________
(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٥١.
(٢) تنظر : ص : ٢٥١.
(٣) قال العكبري : إذا قرئ (ادخُلُوا) على الأمر كانت الجملة حالاً أَي : ادخُلُوا آمنين ، وإذا قرئ على الخبر كان رجوعاً من الغيبَة إلى الخطاب. إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٥.
(٤) المحتسب : ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
(٥) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ١٠ ـ ١١ : (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ يَتَّـقُونَ).