وَكَذَلِك حَذَفَ من إنسان الفاءَ والعَينَ غيرَ أَنَّهُ جَعَلَ مَا بِقَي مِنهُ اسماً قائماً بِرَأسِهِ ، وَهو السِّينُ فقيلَ : يا سينُ ، كَقَوْلِك لَوْ قَسْتَ عَلَيهِ نداءَ زيد : يا دال.
وَيُؤَكِّدُ ذَلِك مَا ذَهَبَ إليهِ ابنُ عبَّاس في (حم * عسق) (١) ونحوه أنَّهَا حروف من جملة أَسماءِ اللهِ (٢) (عَزَّوجلَّ) وَهيَ : رَحيمٌ ، وعليمٌ ، وَسَمِيعٌ ، وَقَدِيرٌ ، وَنَحو ذَلِك. وشبيههِ بهِ قَوْلُهُ :
قُلْنَا لَهَا قِفي لَنَا قَالَتْ قَافْ (٣)
أي : وقفتُ ، فاكتفتْ بالحرفِ مِنَ الكلمةِ (٤).
وَقَرَأ الثقفي : (قافَ) (٥) بفتح الفاء. وَقَرَأَ : (قافِ) ـ بالكسر ـ الحسنُ وابنُ أَبي إسحاقَ.
قالَ أَبو الفتح : يَحتَمِلُ (قَافَ) بالفتح أَمرين :
أحَدُهُمَا : أنْ تَكُونَ حَرَكَتَه لالتقاء الساكنين ، كما أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ (قَافِ) بالكسر كَذَلِك ، غَيرَ أَنَّ مَنْ فَتَحَ أَتْبَعَ الفتحَةَ صوتَ الأَلفِ لأَ نَّها مِنْهَا ، وَمَنْ كَسَرَ فَعَلَى أصْلِ التقاءِ الساكِنَينِ.
والآخر : أنْ يَكْونَ (قافَ) منصوبةَ الموضِع بفعل مُضْمَر غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ١ و ٢.
(٢) معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٢٠ والبحر المحيط : ١ / ٣٤.
(٣) هذا الرجز للوليد بن عقبة. ويروى : قلت لها قفي فقالت قاف.
ويروى :
قلت لها قفي فقالت لي قاف.
أراد : فقالت قد وقفت. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٧٥ وتأويل مشكل القرآن : ٣٠٨ والخصائص : ١ / ٣٠ و ٨٠ و ٢٤٦ و ٢ / ٣٦١ والأغاني : ٥ / ١٨١ واللسان : ١١ / ٢٧٥.
(٤) المحتسب : ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٥) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ١ : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ).