جزاء ما أُترِفوا فيهِ وَكَانُوا مجرمينَ ، أَيْ : جزاء ما أَتْرِفُوا فيهِ وأَجرموا فَلَمْ يَشْكُروا ، بَلْ أُتْرِفُوا فيهِ مجرمينَ ظَالِمينَ (١).
وقرأ السَّلمِي : (شَيْئاً أدَّا) (٢) بالفتحِ.
قَالَ أَبو الفتح : الأَدُّ ، بالفتح : القوة. قالَ :
نَضَوْنَ عَنّي شِرَّةً وَأَدَّا |
|
مِن بَعْدِ مَا كُنْتُ صَمُلاً نَهْدَا (٣) |
فَهْوَ إذا على حذف المضاف ، فَكَأنه قالَ : لَقَدْ جِئتم شَيئاً ذا أدّ ، أَيْ : ذا قوّة.
فهو كَقَوْلِهم : رَجُلٌ زَوْرٌ ، وَعَدّلٌ ، وَضَيف ، تصفه بالمَصدر إنْ شئَت على حذفِ المضافِ وَإنْ شِئْتَ على وَجْه آخر أَصْنَعَ مِنْ هَذَا وَأَ لْطَف ، وَذَلِك أَنْ تَجْعَلَهُ نَفْسَه هُوَ المصدر للمبالغةِ ، كَقَولِ الخَنْسَاءِ :
تَرتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إذا ادَّكَرَت |
|
فَإنَّمَا هِيَ إقَبالٌ وَإدْبَارُ (٤) |
إنْ شِئْتَ على ذاتِ إقبال وإدبار وإنْ شِئْتَ جعلتها نفسها هي الإقبال والإدْ بَار (٥) ، أَيْ : مخلوقة مِنها ، وَيَدلُّك عَلَى أَنَّ هذا معنىً عِنْدَهُمْ لاَ عَلَى
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣٣١.
(٢) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٨٩ : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّ اً).
(٣) الشرّة : النشاط والحدّة. والصَّمُلُّ : الشديد الخُلُقِ. والنهد : المشرف الجسيم. انظر : اللسان : ٤ / ٣٧.
(٤) تصف الخنساءُ ناقةً فقدت فصيلها فهي ترتع وتأكل حتَّى إذا تذكرته صارت تقبل وتدبر باحثةً عنه وكأ نّها هي الإقبال والإدبار ، ومن فسّره بأ نَّها ذات إقبال وإدبار فقد أفسد الشعر ، كما يقول الجرجاني. انظر : الديوان : ٤٨ والكتاب : ١ / ١٦٩ والمقتضب : ٣ / ٢٣٠ و ٤ / ٣٠٥ والخصائص : ٢ / ٢٠٣ و ٣ / ١٨٩ والمنصف : ١ / ١٩٧ وشرح المفصل : ١ / ١٤٤ والخزانة : ١ / ٤٣١.
(٥) على هذين الوجهين حمل المُبَرِّدُ البيتَ أَيضاً. انظر : المقتضب : ٣ / ٢٣٠.