وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وابنُ أَبي عبلة وأبو حَيْوةَ : (بِدَعاً مِّنْ الرُّسُلِ) (١).
قَالَ أَبُو الفَتْحِ : هُوَ عَلَى حَذْفِ المُضَافِ ، أيْ : مَا كُنْتُ صَاحِبَ بِدَع ، وَلاَ معروفةً مِنْي البِدَعُ. قَالَ :
وَكَيْفَ تُوَاصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ |
|
خلاَلَتُهُ كَأَبِي مَرْحَبِ (٢) |
أَيْ : كَخَلاَلَةِ أَبِي مَرْحَب. وَمَا أَكثر هذا المضاف في القرآن وفصيح الكلام (٣) وَقَرَأَ الحسَن بخلاف ومجاهد وطلحة بن مُصَرّف وعيسى الهمداني : (وُقُودِهَا الناسُ) (٤).
قَالَ أبو الفتح : هذا عندنا على حذف المضاف ، أي : ذو وَقُودِهَا أو أصحاب وقُودِها الناسُ ، وذلك أَنَّ الوُقودَ بالضَّمِّ هو المَصدَرُ ليسَ بالناس لكنْ قد جاءَ عنهم الوَقُودُ بالفتحِ في المصدر لِقولِهِم وَقَدَتِ النَّارُ وَقُوداً وَمِثلَهُ أَولِعتُ بهِ وَلَوعاً وهو حسنُ القَبولِ مِنْك (٥) كلّه شاذّ والبابُ هُوَ
__________________
(١) مِن قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٩ : (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
(٢) البيت للنابغة الجعدي. والخلالة مثلثة الخاء : الصداقة. وأبو مرحب : كنية الظلّ أو كنية عرقوب ، وجعل الأعلم الشنتمري أبا مرحب رجلاً. انظر : الكتاب : ١ / ١١٠ والمقتضب : ٣ / ٢٣١ والمحتسب : ٢ / ٢٦٤ وأمالي المرتضى : ١ / ٢٠٢ وسمط اللآلي : ٤٦٥.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(٤) من قولهِ تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٤ : (فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) ومن قوله تعالى من سورة التحريم : ٦٦ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَاراً وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
(٥) قال الزَّجَّاجُ : يُقالُ : قد وَقَدَتِ النَّارُ وُقوداً فالمصدرُ مَضمُومٌ ويجوزُ فيه الفتح