وفيالةً (١). فتمّ الكلام ثمّ قال (تعالى) مستأنفاً القول : (سَيَكْفُرُونَ بِعَبادَتِهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضِدّاً) (٢) والوقفُ إذا على عزّا ثُمَّ استأ نَفَ فَقَالَ : كَلَّ رَأَيُهُم كَلاً ، وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ مِن بَعْدُ (سَيَكْفُرُونَ) فَهُنَاك إذاً وَقْفَانِ : أحدهما (عِزّاً) ، الآخر (كلاً) مِنْ حيثُ كَانَ منصوباً بِفِعل مُضْمَر ، لا مِنْ حيثُ كَانَ زجراً وَرَدّاً وردعاً (٣).
وَرَوى عبد الوَهاب عَنْ أَبي عمرو : (وَنُزِلَ الملائكةُ) (٤) خَفِيفَةً.
قَالَ أَبو الفتح : هَذا غيرُ معروف ، لأنَّ (نَزَلَ) لاَ يَتَعَدَّى إلى مفعول بِهِ فيبنى هُنَا لِلْمَلاَئِكة ، لأَنَّ هَذَا إنَّما يجيءُ على نَزَلْتُ الملائكَة ، وَنُزِلَ الملائِكَةُ وَنَزَلْت غَير متعدّ كَمَا تَرَى.
فَإنْ قُلْتَ : فَقَدْ جَاَء فُعِلَ مِمَّا لاَ يَتَعَدَّى فَعَلَ مِنْهُ ، نَحوَ زُكِمَ وَلاَ يُقَالُ زَكَمَهُ اللهُ. وَجُنَّ ، وَلاَ يُقَالُ جَنَّهُ اللهُ. وَإنَّمَا يُقَالَ أَزْكَمُهُ اللهُ ، وأَجَنَّهُ اللهُ فَإنَّ هَذَا شَاذٌّ ومحفوظٌ ، والقياسُ عليهِ مردودٌ وَمَرْذُولٌ. فَإمَّا أنْ يكونَ ذَلَك لغَةً طارقةً إليْنَا ، وإما أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ المُضَافِ ، يُريدُ : وَنُزِلَ نزولُ الملائكة ثُمَّ حُذِفَ المضافُ وَأُقِيمَ المضافُ إليهِ مقامَهُ على ما مضى ، فأقَامَ (الملائكةَ)
__________________
(١) فال الرجل فيل فِيَالةً فَهو فِيل الرأي ، أي : ضعيف الرأي. قال الكميت :
بَنِي رَبِّ الجَوادِ فَلا تَفِيلُـوا |
|
فَمَا أَنْتُمْ فَنَعذِرَكُـم لفِـيــل |
لسان العرب ـ فيل ـ ١٤ / ٢٥١.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٨٢.
(٣) المحتسب : ٢ / ٤٥.
(٤) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالَغمامِ وَنُزِّلَ المَلائكةُ تَنْزيِلاً).