مقام المصدر الذي كانَ مُضافاً إليْهَا كَمَا فَعَل ذَلِكَ الأعشْى فِي قَوْلِهِ :
أَلَم تَغْتَمِضْ عَيْنَاك لَيْلَةَ أَرْمَدَا (١) |
|
...... |
إنَّمَا يُرِيد اغتماض ليلة أَرْمدَ ، فَنَصْبُ لَيلَة إذا إنّما هُوَ عَلَى المَصْدَرِ لاَ عَلَى الظرفِ ، لأَ نَّهُ لَمْ يُردْ : أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك فِي لَيْلَةِ أَرْمَد ، وإنَّمَا أرادَ أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك مِنَ الشوقِ والأسَفِ اغتماضَ ليلة رَمِدِ العينِ (٢). وَمِثْلُهُ قَوْلُ العَجاجِ :
حَتَّى إذَا صَفُّـوا لَـهُ جِـــدَارَا (٣)
(فجدارا) الآن منصُوبَ نصبَ المصدرِ ، وَلَيْسَ منصوباً على أَنّه مفعولٌ بِهِ ، كَقَولِك : صففتَ قَدمَك إنَّمَا يريدُ : اصطفوا لَهُ اصطفافَ جِدار ، فحذفَ الاصطفاف ، وأَقامَ (الجدار) مقامه فنصبه عَلَى المَصْدرِ ، كُمَا ينصب الاصطفاف لو ظهر ، وَكَذَلِك ما رويناهُ عن محمّد بن الحسن عن ابن الأعرابي مِنْ قوله :
وَطَعْنَةِ مُسْتَبْسِـل ثَائِرِ |
|
يَرُدُّ الكَتِيبَةَ نِصْفَ النَّهَارِ (٤) |
أيْ : رَدَّ نصفِ النهارِ. ألاَ تَرَى. أنَّ ابنَ الأعرابي فَسَّرَهُ فَقَالَ : يردُّ الكتيبة مقدارَ نصفِ يوم ، فَهذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَراَدَ يَردُّ الكتيبةَ ردّ نصفِ النهارِ ، أَيْ :
__________________
(٣) تقدّم الشاهد : ص : ٢٣٢.
(١) تنظر : ص : ٢٣٣.
(٢) من أرجوزة له يمدح فيها الحجَّاج ويذكر إيقاعه بالخوارج. ويروى (اصطفوا) مكان (صفوا). انظر : ديوانه : ٢٤ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ ومعجم شواهد العربية : ٢ / ٤٧٥.
(٣) لسبرة بن عمرو الفقعسي. وروى (حاسر) مكان (ثائر) و (ترد) مكان (يرد).
النوادر : ١٥٥ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ وسر صناعة الإعراب : ٢٤٩.